قتلى الأموات ، بانقطاع الحياة : ان الله سوف يكتب لهم حسنات ، وعلّه إلى يوم القيامة ، فإن «لن» للاستحالة المقتضية استغراق الزمان منذ القتل إلى انقضاء الزمان في الأولى ، ثم الله ينمي تلكم الصالحات في الأخرى.
ثم المقاتلون الذين لم يقتلوا ، هم كذلك (لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) : الأعمال الصالحة التي تركت مغبة الجهاد ، ومن ثم ـ وعلّها أيضا ـ الصالحات المتروكة بعد الممات ، فإنها لم تنقطع عنهم ، بعد الجهاد الاستماتة ، فالجهاد في سبيل الله مما يخلد المجاهد في حياة الصالحات ، وبعد أن قتل أو مات ، ولأنه باذل حياته لله ، فينصبغ بصبغة الله ، ويخلد صالحا وان قتل أو مات ، ولكنما القتلى لهم حظوتهم ، إذ يبعدون بالقتل عن شرور الحياة وتضمن لهم خيراتها!.
فعلى المسلم العاقل النابه أن يجنح للقتال في سبيل الله وهو في مثلث النجاح والفلاح: (أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ ـ وَاللهُ مَعَكُمْ ـ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) ولتكن مقالته للكافرين : (هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا) (٩ : ٥٢)!.
(إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ).
هناك حياة جهاد في سبيل الدنيا اللعب اللهو ، وهنا حياة جهاد في سبيل الله ، تبديل الحياة الدنيا بالحياة العليا ، تجارة مربحة لن تبور ، فاتركوا الدنيا إلى العليا : إيمانا وتقوى بأجورهما ، (وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) فيما يؤتي أجوركم ، إنما إيمانكم وتقواكم ، سؤالا لصالحكم في الدارين.
وهذه الأجور الغالية في الاخرى تقتضي سؤال كل الأموال أن تصرف في سبيل الله ، ولكنه (لا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) كل أموالكم ـ ولأنه :
(إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) :