آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) (١٨ : ١٣) فبتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنة ، وبالزيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله ، وبالنقصان دخل المفرطون النار» (١).
إذا فالسكينة النازلة على الرسول عصمة وتسديد يحتاجه الرسول دوما كبشر وكرسول ، مهما كان في أكمل الإيمان ، والنازلة على من دونه لاستكمال الإيمان ، أو الحفاظ على الإيمان في هجمات الاضطراب التي تهدد كيان الايمان ، ومن ثم إذ لا سكينة فلا إيمان ، وإنما كفر او إسلام نفاق او ما لم يصل بعد الى إيمان : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٤٩ : ١٤).
وواقع السكينة في صلح الحديبية هي مجمع حفاظ الإيمان وزيادته ـ وإن كان النص أجمل عن حفاظه الى زيادته ـ إذ كان البعض في ذلك الجو الخطير في خطر الخروج عن الإيمان ، كمن يخاطب الرسول بحمية : «لم تعطي الدنية في ديننا»؟ فيجيبه الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم : «أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيعني»! ثم الآخرون تزدادهم السكنية إيمانا على إيمان حيث صمدوا وصابروا على عضال المحنة فلم يشكوا ، وأما الرسول فهو القمة في الإيمان ، فلا يحتاج هنا الى سكينة ، اللهم إلّا عصمة وتسديدا يحتاجه في كل زمان ومكان ، ولذلك لا يردف هو بالمؤمنين هنا.
لقد مرت على المؤمنين في الحديبية مواقف مرة عملت في قلوبهم ما عملت ، من تطلّع الى تصديق رؤيا الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ ..) إذ حسبه بعض أنه الآن ، وكما يروى عن الخليفة عمر أنه جاء الخليفة أبا بكر
__________________
(١) ملتقطات من حديث مفصل حول مراتب الإيمان عن الإمام الصادق (ع) (نور الثقلين ٥ : ٥٩ عن اصول الكافي).
(الفرقان ـ م ١١).