«فعلم» الله (ما لَمْ تَعْلَمُوا) من رحمة وحكمة بالغة ، ومن تأخير لصدق هذه الرؤيا حيث ظننتموها حالا حينها ، (فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ) الدخول لعمرة القضاء (فَتْحاً قَرِيباً) الذي تكرر وعده طوال الرسالة في مكة والمدينة ، وهو فتح مكة.
عمرة القضاء :
روت الرواة أنه لما كان ذو القعدة من سابع الهجرة ـ التالي لصلح الحديبية ـ خرج رسول الله (ص) حسب وثيقة الصلح الى مكة معتمرا مع جماعة من المدينة واخرى من أهالي الحديبية ، فأحرم من ذي الحليفة (مسجد الشجرة) وساق معه الهدى ، وسار بأصحابه ملبين ، فلما قرب من مرّ الظهران بعث محمد بن مسلمة بالخيل والسلاح أمامه ، فلما رآه المشركون رعبوا رعبا شديدا وظنوا انه يغزوهم ناكثا للعهد الذي بينه وبينهم ، فأخبروا سائر مكة ، فلما جاء الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم فنزل بمرّ الظهران حيث ينظر إلى أنصاب الحرم ، بعث السلاح من القسي والنبل والرماح إلى بطن ياجج ، وسار إلى مكة بالسيوف المغمدة في قربها كما شارطهم من ذي قبل ، فلما كان أثناء الطريق بعثت قريش
__________________
ـ والمقصرين يا رسول الله؟ قال : رحم الله المحلقين ـ قالوا : والمقصرين يا رسول الله؟ قال : والمقصرين. وفيه اخرج الطيالسي واحمد وابو يعلى عن أبي سعيد ان رسول الله (ص) وأصحابه حلقوا رءوسهم يوم الحديبية إلا عثمان بن عفان وأبا قتادة فاستغفر رسول الله (ص) للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة.
أقول : استغفاره (ص) للمقصرين أعم من ذنب التقصير وسائر ذنوبهم حيث يقول الله (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) وذلك للمصدود عن إتمام مناسكه ، واما استغفاره للمحلقين فعن سائر ذنوبهم السابقة.
ولقد فصلنا القول حول حكم الحلق والتقصير في الحج والعمرة في كتابنا «اسرار. مناسك ، أدلة : الحج» وقد طبع باللغة الفارسية وسوف ينقل إلى اللغة العربية إنشاء الله تعالى.