مكرز بن حفص فقال : يا محمد! ما عرفناك تنقض العهد! فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: وما ذاك؟ قال : دخلت علينا بالسلاح والقسي والرماح! فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : لم يكن ذلك وقد بعثنا به إلى ياجج ، فقال : بهذا عرفناك بالبر والوفاء!.
وخرجت رؤوس الكفار من مكة لئلا ينظروا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وإلى أصحابه غيظا وحنقا ، واما بقية أهل مكة من الرجال والنساء والولدان فجلسوا في الطريق وعلى البيوت ينظرون إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأصحابه ، فدخلها وبين يديه أصحابه يلبون ، والهدي قد بعثه إلى ذي طوى وهو راكب ناقته القصواء التي كان راكبها يوم الحديبية ، وعبد الله بن رواحة الأنصاري آخذ بزمام الناقة يقودها.
وهكذا صدق الله رسوله الرؤيا بالحق ، ثم كان الفتح بعد عام من عمرة القضاء وظهر دين الله ، ودخل الناس في دين الله أفواجا ، ثم ظهر في الجزيرة كلها ، ومن ثم يتحقق في العالم كله في دولة القائم من عترته (ع) وكما وعد :
* * *
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً)(٢٨)
* * *
ذكرنا في سورة الصف طرفا من تفسير نظيرتها (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(١) و «رسوله» هنا كما هناك وكما في ٨٢ آية أخرى (٢) تؤكد له أصالة الرسالة
__________________
(١). ج ٢٨ ص ٣١٥.
(٢). لفظة «رسوله» نجدها خاصة بالرسول محمد (ص) في ٨٤ موضعا من القرآن دون سواه من رسل الله الا رسولي بالنسبة للمسيح في آية واحدة.