الإلهية ، وكأنها هي الوحيدة فلا رسالة إلا له دون سواه ، والمرسلون المسبقون عليه إنما يعدّون لرسالته عدة بكل عدة وعدة.
فهو المرسل «بالهدى» كل الهدى (وَدِينِ الْحَقِّ) : الثابت الذي لا حول له ولا محيد عنه ، ثابتا دائيا على مر الزمن ما طلعت الشمس وغربت ، فلا تغرب شمس الرسالة الإسلامية منذ بزوغها الى القيامة الكبرى ، مرفوفا أعلامها ، مشعّا وضاء على عقول وقلوب العالمين ، معطية متطلبات الحياة وحاجات البيئات من ساكني الأكواخ إلى ساكني ناطحات السحاب.
(لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) : الطاعة كلها ، من حقها وباطلها ، كما في دولة القائم عليه السلام حيث الإسلام يظهر على الأديان كلها ، فلا شوكة ولا كيان إلا له مهما بقيت بقية ضئيلة من سائر الأديان ، فإنهم لا بد وهم تحت ظل الإسلام ورقابته ومن اهل ذمته لا صوت لهم ولا صيت (١) مهما انحسر سياسيا في ردح من الزمن لانكسار أهليها وارتجاعهم عنها كنظام حيوي شامل ، ولكنه حتى في الناحية السياسية لم ينحسر إلا تاركوه : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
وإظهار (دِينِ الْحَقِّ) : الإسلام ـ على الدين كله ، منه إظهار بالحجة والآيات وهو كائن ويستمر منذ بزوغ الإسلام ، وإن كان مبتلى بالخصام في حرب سجال طوال تأريخه المجيد .. وهذا الإظهار كائن بأصل الرسالة وليس غاية لها ، والنص يجعله غاية (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ).
ومنه إظهاره في واقع الحياة ، غلبا في الحكم على غلبة في الحجة وهو لا محالة كائن في الدولة الأخيرة الإسلامية.
__________________
(١). تفسير البرهان عن أبي جعفر الباقر (ع) في الآية قال : يظهر الله عز وجل في الرجعة وفيه عن أبي الحسن الماضي قال : يظهر على جميع الأديان عند قيام القائم ..