سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)(٢٩)
* * *
آية عديمة النظير تحمل تعريفا بالبشير النذير والذين معه بتمثيل وتقرير من التورات والإنجيل يجعلهم مثلا عاليا في تاريخ الإنسان منقطع النظير ، قاطعة آمال المسلمين المستسلمين ، مزيفة كيان من يدعون الصحابة كأنها ترس عن كل قبيح ، فهم لصحبتهم الرسول نبراس منير ، مخطئين معية الرسالة بصحبة زمنية ومعاصرة!.
إنها تحمل صورة رائعة عن سيرة الذين مع الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم التي تجمعها نفس الصيغة : (الَّذِينَ مَعَهُ) وتفصلها فصائل الآية في سلبيتهم وجاه الكفار : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) وايجابيتهم بينهم أنفسهم : (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) كحالتين جماعيتين تتقدمان على سائر الحالات ، من لقطة تصورهم في محاريب العبادة بعد حنانهم الجماعي وحرابهم ضد الكفار : (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) بما يعنيه ركوعهم وسجودهم : (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) دون أن تكون مجرد صور وهيئات ، فلأنها تكون من الأعماق تصوّر في سيماهم صورة معنوية شاملة : (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) و (ذلِكَ) العظيم العظيم (مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ) كما تأتي في آيات (الفرقان ـ م ١٤)