(و) اما (مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) وكما في آيات تأتي (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ ...).
ويا له من مثلث بارع من الكتب السماوية الثلاث تعريفا بالذين معه ، وأن لو استقاموا على الطريقة المحمدية لكان حياتهم فتحا دائبا بينا و (مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً).
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) اسم واحد ووصف واحد : (رَسُولُ اللهِ) دون أن ينسب إلى بلده وهو أم القرى وقبلة الموحدين ، أو إلى قريب له في نسب أو سبب أم ماذا! إنما هو (رَسُولُ اللهِ) وكفاه مفخرة بين العالمين أن يحمل هذه الرسالة السامية الخالدة ، ولا تجده يوصف في القرآن إلا بعبودية أو نبوة أو رسالة ، وأما الميزات الأخرى الخيالية فلا أثر لها في القرآن كله!.
(وَالَّذِينَ مَعَهُ) : معه في رسالته الإلهية تصديقا وإيمانا وتطبيقا ، ومعه في حملها كما حمل ، دعوة إليها وجهادا في سبيلها وتصبّرا لمشاقها وتحملا لحرماتها وحرماناتها!.
فلا تعني معية الرسول ـ التي لا تختص بزمان أو مكان أو قوم ـ معية الزمن حتى تختص بصحابته المعاصرين ، أو معية المكان لكي تنحصر بمن عاينوه وشاهدوه ، فتنحسر عمن بعده من التابعين وأتباعهم إلى يوم الدين ، ولا معية نسبة أو قرابة أو لغة أم ماذا ، مما لا تقرب أصحابها إلى رسالة السماء وقد تبعد عنها ، كما أبو لهب البعيد البعيد الذي كان يحمل كافة هذه المعيات إلا الرسالة ، وقد نزلت في تبابه سورة فذة ، ثم نرى سلمان الفارسي الذي لم يحمل إلا معية الرسالة يصبح سلمان المحمدي!.
أجل ـ انه لا معية هناك معنيّة إلا معية الرسالة ، كما يصدقها وصف محمد مسبقا بالرسالة ، ومواصفاتها اللاحقة التي لا تحمل زمانا ولا مكانا ولا لغة ولا قرابة ، فبإمكانك أن تكون معه قريبا إليه ، وأنت بعيد عنه عرض المكان ، طول الزمان