و (لا تنزع الرحمة إلا من شقي) (١) و (إنما يرحم الله من عباده الرحماء) (٢) كذلك الذين معه (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) : تربطهم وشيجة الايمان بالله فقط مهما تفارقوا بسائر الوشائج ، فهم نسبهم وسببهم الايمان ، وجنسيتهم الايمان ، يعيشون في ظلاله إخوة متحابين ، لا تجد فيهم إلا أخوة الايمان (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ).
إذا فكل المنازعات والمشاغبات بين المؤمنين إنما هي من ضعف الإيمان أو جهلهم موقع الإيمان ، وهنا لك أعداءنا يتربصون بنا الدوائر ليوسعوا الخرق بيننا ، والشيطان ينزغ بيننا : (قُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً) (١٧ : ٥٣) (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٧ : ٢٠٠).
فهؤلاء الذين يدعون الإسلام ثم يحاولون في تفريق كلمة المسلمين وتوسيع الخلافات فيما بينهم ، أولئك هم حزب الشيطان ، فاحذروهم مهما كبرت عمّاتهم وطالت لحاهم ، أعاذنا الله من شرّهم ولا سيما في قبلة الإسلام ومولده.
فرغم أن الواجب رفض الخلافات البعيدة المدى في مملكة الحج ، نرى عملاء بزي العلماء يخطبون ويكتبون في الحرمين المباركين ما اكتتبه واختطبه لهم الاستعمار الكافر عارفين أو غافلين (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) (١٦ : ٢٥)!.
وكما كان الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم أول العابدين فالذين معه :
(تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) تراهم وكأنهم راكعون دوما وساجدون ، أجل ولأنهم حياتهم الركوع والسجود لله في كافة صورها على مختلف صيغها وهيآتها ، في صلاتها لله وفي كل صلاتها بخلق الله ، في حياتهم الفردية لله وفي
__________________
(١) المصدر : اخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عنه (ص) :
(٢) المصدر : اخرج ابن أبي شيبة عن اسامة بن زيد عنه (ص) :