الجماعية ابتغاء فضل الله ورضوان الله ، فكل حياتهم كأنها صلاة وكلها صلات وكلها لله ركوعات وسجودات طالما تختلف الهيئات ، فما الركوع والسجود في الصلاة إلّا تعبيرا عينيا عن اصالة العبودية والخضوع لله ، المتعرقة في نفوسهم (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) : شجرة لها ساقان ، شجرة العبودية الناحية منحى رضوان من الله لأنه الله ، وفضل من الله حيث وعد عباده الصالحين ، فضلا في الدنيا وفضلا في الآخرة ، فيعملون لهما ويأملون من الله الفضل فيهما. ثم وآثار ذلك السجود لائحة في سيماهم لمن ينظر بنور الله :
(سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ)
فالسيما هي العلامة اللائحة للناظرين بنور الله دون الجاهلين : (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) (٢ : ٢٧٣) فأنت أنت تعرفهم والذين معك كما (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) (٧ : ٤٦) فهذا من سيما التعفف والايمان ، ثم هناك سيما النفاق والإجرام : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) (٥٥ : ٤١) هذا ـ ولكن سيما النفاق هي أحيانا بحاجة إلى تعريف وحتى للرسول : (وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ) (٤٧ : ٣٠).
ومهما كان سيما النفاق غامضا وبحاجة الى تعريف ، فسيما الايمان من أثر السجود لائحة للناظرين بنور الله دون تعريف ـ ف :
(سِيماهُمْ) : علامتهم كائنة لائحة (فِي وُجُوهِهِمْ) ـ : وجهاتهم واتجاهاتهم ومواجهاتهم ، وفي ذوات وجوههم يرى الاتجاه إلى الله لائحا ، وكل ذلك (مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) الذي يعيشونه لله حياتهم.
فلا يعني أثر السجود وسيما الوجوه ثفنات الجباه فقط : التي قد تصطنع مغبة الاستحمار الاستغفال ، وحتى ممن لا يعرف سجودا لله اللهم إلا للهو! أو ممن