يسجد مصلحيا تاجرا أم ماذا (١).
فليس الأثر الظاهر على الجباه من السجود هو هو سيما الايمان ، كما ليست الجباه الخالية عن الثفنات سيما اللاإيمان ، فقد يجتمعان وقد يفترقان.
فأثر السجود وهو أثر العبادة المتمثلة تماما في السجود ، هو يشمل الركوع كذلك كما (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) وهو يشمل كافة نهضات العبادة لله في كافة صورها ، فأثر العبادة لائح في سيماهم ، في ملامح وجوههم حيث تتوارى الخيلاء والكبرياء ، لائحة عليها الوضاءة الهادئة والصباحة النبيلة ، كذلك وفي ملامح وجهاتهم ومواجهاتهم واتجاهاتهم ، ألّا نمردة فيها ولا فرعنة ولا استغلال ، ولا أية محاولات وتصرفات إلّا على ضوء شريعة الله!
وهذه السيما السامية لائحة عليهم واضحة يوم الدنيا ويوم الدين (٢) هنا لأولى البصائر وهناك لأهل المحشر أجمعين حيث (تُبْلَى السَّرائِرُ)!.
«إذا نظرت إلى أحدهم عرفت أنه من أهل الصلاة بأثر الوضوء وإذا أصبحت عرفت أنه قد صلى من الليل ، وهو العفاف في الدين والحياء وحسن
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٨٢ اخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن حميد بن عبد الرحمن قال : كنت عند السائب بن يزيد إذ جاء رجل في وجهه اثر السجود فقال : لقد أفسد هذا وجهه أما والله ما هي السيما التي سمى الله ولقد صليت على وجهي ثمانين سنة ما اثر السجود بين عيني!.
(٢) المصدر : اخرج الطبراني في الأوسط والصغير وابن مردويه بسند حسن عن أبي بن كعب (رض) قال قال رسول الله (ص): في قوله (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) قال : النور يوم القيامة.
وأخرج الطبراني عن سمرة بن جندب ان رسول الله (ص) قال : «إن الأنبياء عليهم السلام يتباهون أيهم اكثر أصحابا من أمته فأرجو ان أكون يومئذ أكثرهم كلهم واردة وان كل رجل منهم يومئذ قائم على حوض ملان معه عصا يدعو من عرف من أمته ولكل امة سيما يعرفهم بها نبيهم».