الحياة ، ومتراس على الشيطنات ، يظل في ظلاله الناس بعيدين عن وسواس الخناس النسناس:
ثم وفي هذا الهتاف انعطاف الى انحصار الأصل في : (ذَكَرٍ وَأُنْثى) إذا فالناس كلهم مخلوقون من اثنين : آدم وحواء ، فلو كان هناك بعدهما جنية أو حورية كما قد يروى ، لكان اصل المجموع ذكرا وأناثى ، مهما كان الأصل للنسل الأول ذكرا وأنثى ، كما ان ذلك الذكر اصل الأنثى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً ..) (٤ : ١) فمن نفس واحدة (آدم) زوجها (حواء) ومنهما الناس أجمعون رجالا كثيرا ونساء.
وترى هل ان (ذَكَرٍ وَأُنْثى) هنا تعني ـ فقط ـ اثنينية الأصل الأول ، أو مطلقا ، ام والفرع ايضا ، ام الفرع فقط؟ ان تكون «من» بيانية تبين نوعية الناس : أنهم ذكر وأنثى ، دون المخلوق منه ، ف (ذَكَرٍ وَأُنْثى) عبارة اخرى عن «كم» ولكنه توضيح للواضح ، ثم ولا صلة له بإثبات وحدة الأصل ، المتفرع عليها توحيد الميزة التقوى ، اللهم الا ان يعنى الأمران ، ف «من» بيانية من جهة ونشوية من اخرى هي الأحرى ، ولا سيما من الأصل الأول ، فان الأصول
__________________
ـ فقال له عمر بن الخطاب : اخبرني من أنت ومن أبوك وما أصلك؟ فقال سلمان : أنا سلمان بن عبد الله ، كنت ضالا فهداني الله عز وجل بمحمد (ص) كنت عائلا فأغناني الله بمحمد (ص) وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد (ص) هذا نسبي وهذا حسبي ، قال : فخرج النبي (ص) وسلمان يكلمهم ، فقال له سلمان : يا رسول الله (ص)! ما لقيت من هؤلاء؟ حبست معهم فأخذوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم حتى بلغوا إلي فقال عمر بن الخطاب : من أنت وما حسبك ... فقال (ص) : فما قلت له يا سلمان؟ قال : قلت : ... فقال رسول الله (ص) : يا معشر قريش ان حسب الرجل دينه ، ومروته خلقه وأصله عقله ، قال الله عز وجل : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) ثم قال النبي (ص) لسلمان : ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله عز وجل ، وان كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل.