الاخرى : أن كل انسان مولود من أبوين ، يماثل الاحتمال الآخر انه توضيح للواضح ، وانه لا يتبنى ازالة الفوارق ، وأما أن الإنسانية جمعاء تنتهي إلى أصل أول : ذكر وأنثى ، فانه يحمل بيان مجهول ، ومن ثم فتفرّع الوحدة غير المتفارقة عليه معلوم ، والآية تتبنى الغاء التفاضل الطبقي ، فلا تناسب الا إرجاع الكل الى الأصل الأول «آدم وحواء» ليس إلا!.
وكما الأصل واحد بما خلق الله (إِنَّا خَلَقْناكُمْ) كذلك الفرع المتشعب القبلي بما جعل الله (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ) وترى لماذا الكثرة الميزة بعد الوحدة لا الكثرة المتماثلة ، أللتكاثر والاختلاف وهما نقمة والوحدة نعمة : «ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك (الرحمة الائتلاف) خلقهم» اللهم لا! ام للتآزر والائتلاف؟ اللهم نعم : «لتعارفوا» حيث المماثلة في الألوان والاشكال واللغات تهدم أساس التعارف فالائتلاف ، فلا يجوز ان يجعل هكذا اختلاف بما جعله الله وسيلة التعارف والائتلاف ، يجعل مسكة وذريعة للاختلاف ، من لون أو لغة أم ماذا ، وإنما الميزة الوحيدة الكريمة ، التي تؤلف شرعيا بعد التآلف الخلقي ، إنما هي التقوى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) : لوحة كريمة وحيدة في ميزان الله ، لائحة لمن اتقى الله ، والتخلق بأخلاق الله لزامه أن نكرم من أكرمه الله.
وما هو الفرق بين الشعوب والقبائل؟ ولم يذكرا في القرآن إلا هنا ، علّ الشعوب ـ جمع شعب لا الشعب ـ تعني المجتمعات المتشعبة : تجمع من جهة وتشعّب من اخرى ، كما الشعب من الوادي ما اجتمع منه طرف وتفرق آخر ، فإذا نظرت من الجانب الذي تفرق أخذت في وهمك واحدا يتفرق ، وإذا نظرت من جانب الاجتماع أخذت في وهمك اثنين اجتمعا ، فلذلك قيل : شعبت إذا جمعت ، وشعبت إذا تفرقت.