إذا فالشعوب هي المجتمعات المتفرقة ، تفرق الولادة القريبة ، وتجمّع الأصل البعيد ، ومن ثم القبائل تجمع الشعوب ، فكل قبيلة تجمع شعوبا عدة متناسبة ومتقاربة أكثر من سواها ، فالكيان الأول للناس هو الطبقة الأولى من القرابات الشاملة لسائر طبقات الإرث ، ثم الثاني الأقارب الأخرى ، الجامعة بين طبقات وطبقات بصلات الأنساب والقرابات والأسباب ، وهي الشعوب ، ثم الثالث مجموعات من الشعوب تجمعهم أنساب وأسباب بعيدة ، وهي القبائل.
فالقبائل هي مجامع الشعوب ، كما البشرية جمعاء مجموعة القبائل ، فهي إذا عائلة واحدة بشعوب وقبائل بغية التعارف ، ثم أكرمهم عند الله أتقاهم :
وأخيرا ترى أن هذه التقوى هي ـ فقط ـ الصلة والعلاقة الشخصية بين العبد والمعبود ، أم أنها ـ وفي نطاق واسع ـ هي الاتقاء عما لا يرضاه الله في كافة الميادين الحيوية ، من عقائدية وثقافية ، اقتصادية وسياسية ، ومن حربية وقضائية وجزائية أم ماذا ، فليس الايمان محصورا في حصار العلاقة الشخصية وكما يريده الاستعمار الكافر ، حتى يجعل من المؤمنين زهادا يزهدون عن كل تدخّل حيوي في شئون المسلمين ، بل هو صيغة شاملة كاملة تجعل من المؤمنين بنيانا مرصوصا رصينا ورزينا في كافة الميادين ، فقد يكون المؤمن أتقى فأكرم في بعض الميادين ولا يكون في بعض ، كما هو الحال في الأكثرية الساحقة بين المتقين ، وأما أن يكون أتقى فيها كلها ، فقد لا يكون إلا الرسول المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم ومن يحذو محذاه من أئمة الهدى (ع) فهم أكرم الناس وأتقى : تقوى علمية معرفية وعبودية وسياسية واقتصادية ، يرضون أنفسهم بتقوى الله في كل زواياها ومجالاتها ، اللهم أحينا محياهم وأمتنا مماتهم آمين.
(قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).