من صفات ذاتيات او مكتسبات ، كما وان صفة الوالدية الحنونة الرحيمة المطلقة دونما بغية جزاء او شكور ، هذه الصفة تزيد تأكيدا في توفير حنان الأولاد كأقل جزاء لهم وشكور ، حنانا مطلقا دون شرط إلا الوالدية.
(بِوالِدَيْهِ إِحْساناً) لا ـ : الى والديه ، حيث الإحسان بهما يوحي بكمال الحنان والقرب في الإحسان ، كما احسن الله بيوسف (ع) : (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) (١٢ : ١٠٠) : إحسانا مصاحبا ملاصقا ليوسف ، فضلا من الله ورحمة ، فالإحسان بالوالدين ، احسان مصاحب ملاصق دون اي بعد ولا امتنان ، ولأنه احسان بسبب الوالدية ، واما احسان الله بالمحسنين فملاصق مصاحب كاقرب واحسن ما يكون ، وان كان بامتنان بسبب الربوبية لا العبودية اللهم الا فضلا.
واما الإحسان «الي» فقد يوحي ببعد في الإحسان ، وبين المحسن والمحسن اليه ، بعد الإحسان : كأن يكون للامتحان الامتهان كما الى قارون : (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) (٢٨ : ٧٧) ام بعدا في الإحسان ، كالذي يصاحبه الامتنان من محسن الى من يستحق الإحسان ، فهو احسان سيء لمكان الامتنان : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) (٢ : ٢٦٤).
فالإحسان بالوالدين يعني أحسن الإحسان وأقربه «بالوالدين» : بسبب الوالدية ، وإحسانا ملاصقا مصاحبا لهما دون فصل او فضل (١) بل وعلى الأولاد ان يخفضوا لهما جناح الذل في الإحسان وان أساءا : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما
__________________
(١) هذا إذا كانت الباء متعلقة ب «إحسانا» فهي إذا للمصاحبة الملاصقة ، او السببية والجمع هنا أجمل ، واما إذا تعلقت بالوصية فلا ، اللهم الا ان «قضى ..» في غيرها يبعده ، فالقضاء اما له أو عليه وليست به ، فالباء في آيات الوصية تتحمل كلا التعلقين : وصية وإحسانا : وصية بوالديه وإحسانا بوالديه ، بسبب الوالدية مصاحبا ملاصقا.