أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً. وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً) (١٧ : ٢٤) : فأحرى لهما الإحسان بهما ان أحسنا!.
«بوالديه» المتشاركين في ايلاده ، مهما تفاضلا فيه ام في سواه ، فللفاضل فضله بمزيد الإحسان :
«إحسانا» كما هنا وفي غيرها و «حسنا» كما في ثالثة : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما ..) (٢٩ : ٨) والحسن هو الفعل الحسن المبالغ في الإحسان لحد كأنه الحسن ذاته ، تدليلا على مدى الإحسان الواجب بهما ، أنه لأعلى المستويات قدر المستطاع ، دونما قيد او شرط ، مما يوحي بان «إحسانا» ايضا يعنيه ، بما فيه تنوين التنكير ، لا تحقيرا ، وانما تعظيما وتكثيرا لحد لا يعرف مداه ، فانه احسان لا يقطعه قاطع ، حتى (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) فلا يبدل الإحسان هنا بالإساءة ، وإنما ترك الطاعة في الإشراك بالله ، مع الحفاظ على المعروف من صحبتهما : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ ... وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ..) (٣١ : ١٤ ـ ١٥).
فلقد أريد من الحسن والإحسان هنا وهناك أحسن الإحسان ، وكما انهما بذلوا لك من الإحسان أحسنه ، وحينما لم تك تملك لنفسك شيئا!.
نرى الوصية بالإحسان تكرر في القرآن بحق الوالدين دون الأولاد ـ اللهم إلا نادرة بشأن الميراث ـ لأن الفطرة الوالدية وحدها تتكفل برعايتهما للأولاد ، رعاية ذاتية لا تحتاج إلى وصية واثارة ، بل وقد تزيد على المسموح والواجب إذ تصل الى حد التضحية في سبيل الحفاظ على حياة الأولاد او صالحهم ، دون أي منّ أو رغبة في جزاء أو شكور ، اللهم إلا شذرا نذرا ، دون الأولاد ، فقليل