وتواطئوا عليها! : (ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) بحق الرسل والرسالات الإلهية ، ولكي يتخلصوا بهذه الرمية الجنونية عن أسر التشاريع وحصرها إلى حريات الإباحيات اللامحدودة ، التي تجعل من الإنسان حيوانا وحشيا وأشرس وأطغى!.
(أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) : كأنما تواصوا بهذا الاستقبال لرسل الله على مدار الزمن ، ولكنهم أينما كانوا مجتمعين؟ وهناك مفرقات الزمن! فلا تواصي واقعيا ، وإنما هي طبيعة الطغيان تجمع بينهم في فريتهم هذه ، طبيعة النشوز عن الحق ، متجاوبة مع العجز عن رد الحجج البالغة ، تخلقان على مدى القرون رفض الرسالات بتهمة السحر او الجنون ، فالسحر خلو عن أية حقيقة ، والجنون لا يعرف الحقيقة ـ كيف والعقل أحيانا يشذ عنها فضلا عن الجنون ، مما أجمعت البشرية على رفضها ، وهكذا يشوّه للطغاة سمعة الحق ، فيضللون الجهال «فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه ونجى الذين سبقت لهم من الله الحسنى».
وحينما يصل أمر الطغيان والتعامي عن الحق الى هذه الدركات والدمدمات :
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)
تول عن تذكير هؤلاء الأوغاد الطغاة ، الذين لا تزدادهم الذكرى إلا عتوا ونشوزا «فما أنت» إذا «بملوم» حيث اللوم ليس إلا على من قصر فما ذكّر وما أنذر ، وأما أنت فقد بلغت من الذكر الإنذار مبلغه الأخير ، فمسموح لك حينئذ أن تتولى عنهم ، وتواصل في تذكير من سواهم غربلة لهم علهم يتذكرون (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) : الذين يؤمنون بالحق إن وجدوه ، فلا يدفعك اليأس عن الطاغين ، ان تتوانى في تذكير الباقين ، وهكذا تكون الذكرى دوما ، ان تكون الإيمان الفعلي لمن يتحرى الحق فتذكره ، وتزيد في ايمان الماضين في الإيمان ، الماشين على صراطه ، وتظهر طغوى العاتين المتواصين على الحق ، مثلث النفع للمؤمنين : فالذكرى نفاعة للمؤمنين ـ أيا كانوا ـ في أنفسهم ، وتنفعهم