ضد الكافرين إذ تظهر المستور من غيهم العامد ، وكل ما ينفع المؤمنين فهو يضر الكافرين.
ان مهمة رسل الله هي التذكير والإنذار والتبشير لتحقيق الغاية القصوى من خلق المرسل إليهم :
(وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
إن الحكيم لا يفعل فعلا إلا لحكمة وعائدة ، راجعة اليه ان كان مستكملا لنفسه كسائر الخلق ، ام الى غيره ان كان مكملا له دون ان يعود اليه ، لكماله وغناه كما الله وهكذا تكون أفعال الله تعالى فانه الغني المفيض ، والخلق فقراء يفاض عليهم.
وعبادة الجن والإنس لله تعالى ، فائدة عائدة إليهم لا إلى الله ، وان كانت غرضا لخلقهم مقصودا ، وكما توحي به «ليعبدون» : أن لخلقهم غرضا هو أن يعبدوا ، فالخلق منه تعالى ، والعبادة منهم ، فعائدة إليهم ، فلم يقل «لأعبد» كيلا يظن أنه هو المقصود من خلقهم ، أن يصبح معبودا لهم كما كان معبودا لسواهم ، فليس لله تعالى نصيب من عبادتهم ، ولا يريده : (ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ) : معنوي (وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) من رزق مادي ، ومن المعنوي استكماله سبحانه بان يعبد ، فهو لا يريد إلا استكمال الخلق بان يعبدوه ، لا استكماله بأن يعبد ، فقد كان ولا يزال معبود الملائكة المقربين ، الذين لا كيان لهم إلا عبادة رب العالمين ، فما هي عبادة الجن والإنس بجنبها إلا هزيلة قليلة ، اللهم إلا المعصومين منهم وهم الأقلون.
وعبادة الله لخلقه لا تعني إلا اتقاءهم ـ على ضوئها ـ عما يضرهم او يصدهم عن الكمال والاستكمال ، فهي لا تقي إلا صاحبها دون سواه : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (٢ : ٢١) :