عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ..) (٣٩ : ٧) فكفركم عليكم لا عليه ، وشكركم لكم وليس له.
إذا فالعبادة والتقوى هي الغاية الوحيدة المعنية من خلقة الجن والانس ، تتمثل في عقائد وأعمال وأقوال واحوال ، من قام بها وأداها فقد حقق غاية خلقه ، قدر القيام والأداء ، ومن قصر فيها او نكل عنها فقد أبطل معنى خلقه وظلت حياته فارغة مما اراده الله ، خاوية عما هيأه الله.
ولا تحصر العبادة بالعلاقات الفردية : ذكرا وصلاة ـ بين العابد والمعبود ، فانها تشمل سائر جوانب الحياة وزواياها ، ان يخضع لأمر الله ونهيه في كافة شؤونه ، لحد تصبح أعماله وأقواله وحركاته وسكناته كلها عبادة لله في مختلف المحاريب ، : محراب المسجد ومحراب الحرب ، محراب السياسة والاقتصاد ، محراب الثقافة والاجتهاد ، محراب الأعمال الفردية والجماعية ، المادية والمعنوية ، لتصبح كلها محاريب يعبد ويطاع فيها الله ، ويحارب فيها الشيطان ويعصى ، مهما اختلفت اشكال هذه المحاريب وصور العبادة فيها.
إذا فليست عبادة الله وتقواه إلا لصالح العابد المتقي ، كما لا تعني سبيل الله إلا سبيل صالح الإنسان ، التي لا يمكن سلوكها سليما إلا على ضوء هداية الله وعبادته.
ان عبادة الله تتوسط بين معرفته وتقواه ، فالعبادة دون اية معرفة ـ لو أمكنت ـ فهي غباوة ، والعبادة المتخلفة عن نتاج التقوى ليست إلا طغوى في صورة العبادة ، فكلما ازدادت المعرفة بالله ازداد العارف عبادة لله فتقوى ، وكلما ازدادت العبادة فالتقوى ، ازدادت المعرفة ، لذلك فقد تفسر العبادة هنا بالمعرفة تفسيرا بالمقدمة والنتيجة ، وقد تجعل الغاية من الخلقة المعرفة ، وكما يروى عن الحسين بن علي (ع): «ايها الناس ان الله عز وجل ذكره ما خلق العباد إلا