قد يقال إن فعل الرسول صلى الله عليه وو آله وسلم مع ابن أبي سرح لا يدل على عدم جواز القراءة بالمعني إذ الكتابة غير القراءة وما فعله ابن أبي سرح هو الكتابة لا القراءة ، ويرد عليه أن هذا الادعاء مدفوع بفعل الصحابة أنفسهم وذلك لورود عشرات الروايات التي تنص على أن الصحابة كانوا يكتبون التغيير والتبديل في مصاحفهم الخاصة وهم وجوه الصحابة على ما سيأتي بيانه كعمر وعثمان وابن مسعود وابن عباس وعائشة وحفصة وأبي بن كعب وغيرهم ، فاختصاص الحرمة بالكتابة يناقضه فعل الصحابة ، ثم إن الأصل هو القراءة ولا الكتابة لأن السماح بالتلاعب في القراءة هو سماح بالتلاعب في الكتابة بطبيعة الحال لما سيأتي من أن المصاحف لم تكن تتميز كلماتها إلا بالقراءة وكانوا يكتبون المصاحف عن القراءة لأن القرآن نزل منجما لا ككتاب مسطور.
وعلى أي حال فهذه الحادثة تعد أدل دليل على إنكار الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم لتبديل أللفاظ القرآن بغيرها ولو بمرادفاتها نحو (عليم حكيم) بدلا عن(عزيز حكيم) وهو عين منطوق روايات الأحرف السبعة ، وعلى ذلك فسيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كاشفة عن كذب هذه الرخصة المخزية للقرآن ولأهله ، وأنها تعتبر خيانة لله ولرسوله نعوذ بالله من الخذلان.
وهناك نص يبين عدم رضاه صلى الله عليه وآله وسلم بتغيير ترتيب الآيات والانتقال من آية فى سورة إلى آية فى سورة أخرى ، فقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه بطريقين أحدهما حثنا حاتم بن إسماعيل عن عبدالرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب قال : مر رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم