منهم ، ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنها فلم أجدها عند أحد منهم حتى وجدتها مع رجل آخر يدعى خزيمة أيضا فأثبتها في آخر براءة ، ولو تمت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة. (١)
وهو ما فهمه إمامهم الباقلاني حيث قال : لأن زيدا قال : اعترضت المهاجرين والأنصار فلم أجدها ، وهو لا يقول ذلك إلا بعد أن يبالغ في الطلب ، فكره أن يجعلهما سورة على حالها لما لم يجد في القرآن سورة أقل من ثلاث آيات ، فرأى إلحاقها ببراءة أولى. (٣)
وهذا حال زيد وعدم تحرجه عن إعمال استحساناته ورأيه في تقسيم آيات القرآن ، بل لو زاد ما وجده عن آيتين لكانت الآيات سورة مستقلة!، ونخلص إلى أن عدم علمهم بمكان تلك الآيات كان سببا لوضعهما في آخر براءة!
النتيجة :
مع كل هذا وتصريح علمائهم به ، ما الذي يضمن لنا أن بعض السور القصار لم تدخل في غيرها من سور القرآن؟ أو أن بعض الطوال لم تتفرق في غيرها من السور. إذا كان الجامع يقسم الآيات بمزاجه؟، بل ما الذي يمنع من حصول التهاون في عدم طلب بعض الآيات إذا كانت روح التهاون موجودة في نفوس من تصدوا لجمعه ، وقد أثرت هذه الروح في جعل آيتين في سورة
__________________
(١) جامع البیان فی تفسیر القرآن للطبري ١ : ٢١ ، تاريخ المدينة ٣ : ١٠٠١.
(٢) نكت الإنتصار لنقل القرآن : ٣٣٢.