(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (١) ، وباتفاق أهل القبلة لا يكفر كلا الطرفين مع أن أحدهما خالف ما أخبر الله به جزما.
الأمر الثاني : قالوا بعدم دلالة ظاهر الآيتين على المطلوب
فالآية الأولى غاية ما تدل عليه أن الله عزّ وجلّ تكفل بحفط القرآن ولكنها ساكتة عن حفظه عند جميع الناس ، فلعل الله عزّ وجلّ لم يقصد بالحفظ حفظه عند كل المسلمين ، بل أراد حفظه عن سيد المسلمين وإمامهم ، فمن أين استفدنا حفظه عند كل المسلمين من الآية! والآية الأخرى تدل على منع استعلاء شيء عليه ولا يطر أطارئ يظهر عليه فيبطل مضمونه ومحتواه من العلوم والمعارف ، سواء مما سبقه كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها من الكتب السابقة ، أو مما يأتي به الناس من علوم ، وليس المقصود أن الباطل في الآية بمعنى حذف الكلمات ونقصها ، ويمكن تقريب هذه الدلالة بلحافظ مرجع الضمير (لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ) إذ لا يمكن أن يكون مرجعه إلى هذا المصحف؛ لأنها نزلت والمصحف لم يفرغ من جمعه بعد ، فلا ريب أن المقصود به ـ بزعمهم ـ القرآن في الكتاب المكنون ، فأي تحريف يقع هناك؟!لذا فالآيتان في نظرهم لا تدلان على المدّعى.
السبب الثاني : خالف ما هو معلوم من الدين بالضرورة.
حتى يتضع الحق في هذه الدعوى يجب تقديم مقدمتين :
المقدمة الأولي : ماهو ضابط كون الشيء معلوماً من الدين بالضرورة؟
__________________
(١) الشورى : ١١.