٧ ـ فكرة ذهاب تلك الأحرف تستبعدها الأحداث التاريخية
أين ذهبت تلك الأحرف؟! قد يقال ـ كما سيأتي بإذنه تعالى ـ أن عثمان بن عفان هو الذي أمر بجمع القرآن الكريم بإلغاء الأحرف الستة الأخرى ـ بزعمهم ـ وهي أضعاف هذا القرآن المتداول ، وهذا القول الباطل ، فلو كان للأحرف السبعة وجود في الدنيا الإسلام وقام عثمان بإحراقها ، لما سكتت عنه الجماهير الغاضبة عليه وعلى سياسته وإجحافه بغير بني أمية ، ولكان هذا العمل المفترض من عثمان من الطامات التي لا تغتفر وتستوجب قتله من تلك الجماهير ، ولأثر عنهم الاحتجاج بهذا الأمر ، وواضح أن حذف أضعاف ما بأيدينا من القرآن يعني الكفر الصريح والفاضح المستوجب للقتل ، وهذا لم يرد ولم يؤثر ، فعدم معرفتنا بكيفية ذهاب تلك الأحرف المزعومة يدفعنا لرفض فكرة وجودها من الأساس.
قال ابن حزم الأندلسي في الإحكام : ولقد أنكر أهل التعسف على عثمان أقل من هذا مما لا نكره فيه أصلا ، فكيف لو ظفروا له بمثل هذه الظيمة ، ومعاذ الله من ذلك ، وسواء عند كل ذي عقل إسقاط قراءة أنزلها الله تعالى أو إسقاط آية أنزلها الله تعالى ولا فرق ، وتالله إن من أجاز هذا غتفلا ثم وقف عليه وعلى برهان المنع من ذلك وأصر فإنه خروج عن الإسلام لا شك فيه لأنه تكذيب لله تعالى في قوله الصادق لنا (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُون) (١). وفي قوله الصادق (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ
__________________
(١) الحجر : ٩.