إن قيل المراد ذكر شطر المسجد الحرام دون شطر الكعبة ، مع أنّ المراد شطرها فان ذلك لعدم الفرق والتميز بينهما بالنسبة إلى البعيد.
قلنا ذلك بإرادة الكعبة بالمسجد أم؟؟؟ هو الذي قدّمنا ، وبإرادة ما هو المعروف به يقدح فيه قيام ما تقدّم من الاحتمال وعدم ظهور قائل به ، وأنّ الظاهر الاتّفاق على خلافه.
على أنا لا نسلّم عدم الفرق والتميز بالنسبة الى كلّ بعيد ، فان كلّ من يتعذر أو يتعسر عليه مشاهدة الكعبة أو تحصيل عينها قطعا للبعد ، لا يجب أن يعتبر عليه مثلا تحصيل خطّ يخص المسجد دون الكعبة ظنا كما لا يخفى ، ولا نسلم أيضا اختصاص الحكم بالبعيد بل هو أعم كما يأتي.
د : قد ذهب جماعة من الخاصّة والعامّة إلى أن قبلة الآفاقي النائي هو الحرم لروايات ، وفي المجمع أنّ أبا إسحاق الثعلبي ذكر ذلك في كتابه عن ابن عباس وحينئذ فالمراد بالمسجد الحرام الحرم كما قيل في قوله (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) لإحاطته بالمسجد والتباسه به.
وعن ابن عبّاس الحرم كلّه مسجد ، وعن عطا في قوله تعالى (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) أنّ المراد بالمسجد الحرام الحرم ، وذكر الراونديّ عنه في الآية أيضا القول بأنّ الحرم كلّه مسجد ، وعلى هذا فترجيح حمل المسجد الحرام على الكعبة على حمله على الحرم تسمية للكلّ باسم أشرف الاجزاء ترغيبا وتشريفا أو لكونه في حكم المسجد لحرمته كما يقتضيه كونه حرما أو لكونه مسجدا حقيقة ، وثبوت وصف الحرام مع تأييد ذلك بالروايات ، وموافقة أقوال المفسّرين في غير هذا المقام ، أيضا محلّ نظر على ما قرّره الكشاف ، نعم في سند الروايات ضعف ، مع كونه خلاف الظاهر فتأمل.
وأما على ما قرّرنا فلا يبعد كونه حقيقة والّا فمجاز شائع ، على أنّه أوفق وأنسب بعموم قوله (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) كما لا يخفى.
ه : أنه تعالى خصّ الرسول بالخطاب أولا تعظيما له ، وإيجابا لرغبته ، ثمّ