وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ.)
البيت الحرام عطف بيان للكعبة (قِياماً لِلنَّاسِ) يستقيم به أمور دينهم ودنياهم لما يتمّ به من أمر حجّهم وعمرتهم وتجارتهم ، وأنواع منافعهم ، وجاء في الأثر أنّه لو ترك (١) عاما لم يحجّ إليه لم يناظروا ولم يؤخّروا ، ومعناه يهلكوا وهذا هو المشهور ، والظاهر ، وقال الراونديّ في بعض التفاسير أي جعل الله الكعبة ليقوم الناس في متعبّداتهم متوجّهين إليها قياما وعزما عليها.
وفي الكنز (٢) المعنى أنّ الله جعلها لتقويم الناس والتوجه إليها في متعبّداتهم ومعايشهم ، أما المتعبّدات فالصلاة إليها والطواف حولها ، والتوجّه إليها في ذبائحهم واحتضار موتاهم ، ودفنهم وغسلهم ودعائهم وقضاء أحكامهم ، وهنا قيل بالعكس ، وأما في معايشهم فأمنهم عندها من المخاوف وأذى الظالمين ، وتحصيل الرزق ، والاجتماع العامّ عندها بجملة الخلق الذي هو أحد أسباب انتظام معايشهم إلى غير ذلك من الفوائد.
(وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ) أي اقصدوا عبادته مستقيمين إليها غير عادلين إلى غيرها (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) في كلّ وقت سجود أو في كلّ مكان سجود وهو الصلاة ، هذا معتمد الكشاف (٣) وزاد القاضي (٤) أو أقيموها إلى القبلة ، وفي المعالم عن مجاهد والسدّي يعنى وجوهكم حيث ما كنتم في الصلاة إلى الكعبة ، وعليه اعتمد القرطبيّ (٥) وحينئذ يدلّ ظاهرا
__________________
(١) انظر الوسائل ج ٧ الباب ٤ من أبواب وجوب الحج ص ١٣ و ١٤ ط الإسلامية ومستدرك الوسائل ص ٣ و ٤ وتفسير البرهان ج ١ ص ٥٠٦ وهو الموافق لما في وصية على عليهالسلام للحسن والحسين لما ضربه ابن ملجم وفيه الله الله في بيت ربكم لا تخلوه فإنه ان ترك لم تناظروا.
(٢) انظر كنز العرفان ج ١ ص ٩٢.
(٣) الكشاف ج ٢ ص ٩٩.
(٤) البيضاوي ج ٢ ص ٢٢٣ ط مصطفى محمد ومثله في مسالك الافهام ج ١ ص ١٩١
(٥) القرطبي ج ٧ ص ١٧٧.