ندعوه؟ فأنزل الله الآية ، وقال أبو العالية لما صرفت القبلة قالت اليهود ليست لهم قبلة معلومة فتارة يصلّون هكذا وتارة هكذا ، فنزلت.
وفي القاضي (١) وقيل في هذه الآية توطئة لنسخ القبلة ، وتنزيه للمعبود أن يكون في حيّز وجهة ، وعلى هذه الأقوال ليست بمنسوخة كما لا يخفى ، وقيل : كان للمسلمين التوجّه في صلاتهم حيث شاءوا كما في المجمع ، أو من الصخرة والكعبة كما في الكنز وكتاب الراونديّ ثمّ نسخت بقوله (فَوَلِّ) الاية ولا شاهد له.
ثمّ لا يخفى أنّ التقدير على هذه الأقوال غير ما تقدّم عن الكشاف ولعلّه ينبغي أن يراد «وأينما تولّوا وجوهكم» ويمكن أن يقال إنه أقل تقديرا مما تقدم ، فتأمل.
وقال شيخنا المحقّق (٢) ويفهم من رواية جابر أنه لا تجب الصلاة حال الحيرة إلى أكثر من جانب واحد ، ويكفي الظنّ ، وإن لم يكن عن علامات شرعيّة ، وأنّ العلم قبل الفعل ليس بشرط ، بل إذا حصل الظنّ وفعل وكان موافقا لغرضه كان مجزيا لا يحتاج إلى الإعادة كما يفهم من عبارات الأصحاب.
وأما الحكم المستفاد من الآية بناء على الأوّل فهو إباحة الصلاة في أيّ مكان كان وعموم التوجه إلى المسجد الحرام ، وأما ما يستفاد من ظاهرها قبل التأمل ، فهو عدم اشتراط القبلة مطلقا ويقيّد بحال الضرورة أو النافلة على الراحلة سفرا لما مرّ ، أو غير ذلك ، ويحتمل عدم النافلة فتأمل.
(إِنَّ اللهَ واسِعٌ) باحاطته بالأشياء أو برحمته يريد التوسعة واليسر لعباده (عَلِيمٌ) بمصالحهم وأعمالهم في الأماكن كلّها ، وقد يفهم على الأوّل أنّهم لما منعوا وعدهم الله مزيد الثواب أفضل مما منعوا منه فتأمل.
المائدة [٩٧] : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ
__________________
(١) انظر البيضاوي ج ١ ص ١٨٢ وفي البيان لسماحة الآية الخوئي مد ظله من ص ١٩٩ الى ص ٢٠٠ بيان كاف في رد هذا النظر فراجع
(٢) انظر زبدة البيان ص ٦٩ ط المرتضوي.