النوع الاخر
(في مقدمات أخر للصلاة)
وفيه آيات :
الاولى (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً) (الأعراف : ٢٦) خلقناه لكم بتدبيرات (١) سماوية وأسباب نازلة منه ، ونظيره قوله تعالى (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ) وقوله (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) فنبّه على أنّ للأمور السماوية كالمطر دخلا في حصول اللباس وغيره أو إشارة إلى علوّ رتبته وجلال مرتبته تعالى ، فان منه إلينا نزول من العليا الى السفلى ، وفي الكشاف : جعل ما في الأرض من السماء لأنّه قضي ثمّ وكتب.
وفي الكنز لأنّ التأثير بسبب العلويّات أو عند مقابلاتها وملاقياتها على اختلاف الرأيين ، فليتأمل ، وقال القرطبيّ : وقيل ألهمناكم كيفية صنعته ، وقيل هذا الانزال إنزال شيء من اللباس مع آدم وحوّاء ليكون مثلا لغيره.
(يُوارِي سَوْآتِكُمْ) صفة لباسا أى يستر عوراتكم وكلّ ما يسوء كشفه منكم ، روي أنّ العرب (٢) كانوا يطوفون بالبيت عراة ويقولون : لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها فنزلت ، قال القاضي (٣) لعلّ ذكر قصّة آدم تقدمة لذلك حتّى يعلم أنّ انكشاف العورة أوّل سوء أصاب الإنسان من الشيطان ، وأنه أغويهم في ذلك كما أغوى أبويهم.
__________________
(١) الحق أن الإنزال في القرآن يستعمل كثيرا في إسداء النعمة من الخالق الى المخلوق ، تشبيها للعلو الرتبي بالعلو الحسي ومع هذا المعنى للإنزال يحل كل مشكل في كل مورد استعمل فيه كلمة الانزال ، مثل انزل القرآن وإنزال الحديد واللباس وغيره والله العالم ،
(٢) انظر المجمع ج ٢ ص ٤١٠ والدر المنثور ج ٣ ص ٧٥ الى ٧٨.
(٣) البيضاوي ج ٢ ص ٢٢٣ ط مصطفى محمد.