(وَرِيشاً)(١) عطف على لباسا ، وهو لباس الزينة ، أستعير من ريش الطير لأنّه لباسه وزينته ، فالأول ظاهره وجوب ستر العورة باللباس مطلقا ، فإنّ (يُوارِي سَوْآتِكُمْ) يومئ إلى قبح الكشف ، وأنّ الستر مراد الله تعالى ، وظاهر الثاني استحباب التجمّل باللباس ، ولا يبعد فهم أشراط كون اللباس مباحا ، لأنّ الله تعالى لا يمنّ بالحرام ، وقيل الريش بمعنى الجمال والزينة وأنّه اللباس الأوّل ، ويأتي ما يؤيّده في الآية الثانية ، فيمكن عطفه على (يُوارِي سَوْآتِكُمْ) ولو بتقدير.
وفي المعالم (وَرِيشاً) أي مالا في قول ابن عباس والكسائي ومجاهد والضحّاك والسدّي ، يقال تريّش الرجل إذا تموّل ، وقال القرطبيّ وقيل هو الخصب ورفاهية العيش ، والذي عليه أكثر أهل اللغة ، أنّ الريش ما يستر من لباس أو معيشة ، وقرئ «رياشا» (٢) وهو ـ جمع ريش (٣) كشعب وشعاب كما في القاضي والكشاف ، وعن الفرّاء أنهما واحد كلبس ولباس ، وفي الكنز ترجيحه بشهادة الجوهريّ. وبأنّ الجمع غير مراد هنا وفيه نظر.
(وَلِباسُ التَّقْوى) قيل خشية الله ، وقيل العمل الصالح ، وقيل ما علّمه الله وهدى
__________________
(١) قال في مقاييس اللغة ج ٢ ص ٤٦٦ الراء والياء والشين أصل واحد يدل على حسن الحال وما يكتسب الإنسان من خير فالريش الخير والرياش المال ورشت فلانا أريشه ريشا إذا قمت بمصلحة حاله.
(٢) انظر شواذ القرآن لابن خالويه ص ٤٣ وكنز العرفان ج ١ ص ٩٣ وروح المعاني ج ٨ ص ٩٠ والقرطبي ج ٧ ص ١٨٤ والدر المنثور ج ٣ ص ٧٦.
(٣) قال المؤلف قدسسره في هامش الأصل وفي إيجاز البيان : الريش ما يستر الرجل في معيشته وفي جسده ، وعن على (ع) أنه اشترى ثوبا بثلاثة دراهم وقال : الحمد لله الذي هذا من ريشه ، وفي القرطبي : وأنشد سيبويه :
فريشى منكم وهواي معكم |
|
وان كانت زيارتكم لماما |
وحكى أبو حاتم عن أبى عبيدة : «وهبت له دابة بريشها» أى بكسوتها وما عليها من اللباس. انتهى.
أقول : راجع في ذلك القرطبي ج ٧ ص ١٨٤.