به ، وقيل استشعار تقوى الله فيما أمر ونهى (١) وهو الأظهر وكأنه مآل ما تقدّم من الأقوال ، ومراد الكلبي بأنّه العفاف ، وقول الكشاف أنه الورع والخشية من الله ، ويحتمل رجوع ما قيل إنّه الايمان ، وأنّه الحياء ، وأنّه السمت الحسن أيضا إلى ذلك بوجه.
وقيل ما يقصد به التواضع لله تعالى وعبادته كالصوف والشعر والخشن من الثياب وعن زيد بن علىّ عليهالسلام أنّه ما يلبس من الدروع والجواشن والمغافر وغيرها ممّا يتّقى به في الحروب ، وقيل : مطلق اللباس الذي يتّقى من الضرر كالحرّ والبرد والجرح ، وفي الكنز تضعيفه بأنّ المتبادر من التقوى غير ذلك شرعا وعرفا.
ورفعه بالابتداء والخبر جملة (ذلِكَ خَيْرٌ) أو المفرد الذي هو خير ، وذلك صفة للمبتدإ كأنه قيل : ولباس التقوى المشار إليه خير ، وذلك يراد به تعظيم لباس التقوى أو إشارة إلى مواراة السوءة فإنّه من التقوى ، تفضيلا له على نفس اللباس مطلقا كأنّه يريد أنّ الامتنان عليكم بهدايتكم لستر العورة والاحتراز من القبيح أقوى وأعظم.
وفي الكشاف أو إشارة إلى اللباس المواري للسوأة تفضيلا له على لباس الزينة وهو غير مناسب لما قدّمه من تفسير لباس التقوى بالورع ، وبناء الكلام عليه ، نعم يناسب قول من قال بأنّ لباس التقوى هو اللباس الأوّل أعيد إشارة إلى أنّ ستر العورة من التقوى وأنّه خير من التعرّي في الطواف.
وقيل لباس التقوى خبر مبتدأ محذوف أي وهو لباس التقوى ، ثمّ قيل : ذلك خير ، ويأتي عليه احتمالان : رجوع هو إلى اللباس الأوّل ، ورجوعه إلى مواراة السوءة ، فتأمل.
__________________
(١) قال المؤلف قده في الهامش : ومنه قيل :
إذ المرء لم يلبس ثيابا من التقى |
|
تقلب عريانا وان كان كاسيا |
فخير لباس المرء طاعة ربه |
|
ولا خير فيمن كان لله عاصيا |
انتهى ، وأقول : أنشده في القرطبي ٧ / ١٨٤.