وفي قراءة ابن مسعود وابىّ «لباس التقوى خير» وذكره القرطبيّ عن الأعمش (١) وقرأ نافع وابن عامر والكسائي بالنصب عطفا على لباسا وريشا.
وظاهر بعض مشايخنا (٢) أنّ الراجح حينئذ أن يراد لباس يتّقى به عن الحرّ والبرد والجرح والقتل ، وأنّ اللباس حينئذ ثلاثة أقسام قد امتنّ الله بها على عباده قال : وحينئذ في (ذلِكَ خَيْرٌ) تأمّل.
ويمكن كونه خيرا لأنه يحصل به الستر والحفظ عن الحرّ والبرد والجرح بخلافهما ، ويحتمل رجوعه إلى اللباس مطلقا انتهى وفيه أما أوّلا منع رجحان ذلك حينئذ ، فان إرادة ما أريد على الرفع احتمال واضح ، نعم هذا القول حينئذ أقرب منه على الرفع ، وثانيا منع لزوم كون اللباس حينئذ ثلاثة فإنه يحتمل اثنين على ما قدّمنا وواحدا كما صرّح به في الكنز.
وأيضا لا إشكال في (ذلِكَ خَيْرٌ) حينئذ لما قاله وغيره ، ورجوعه إلى اللباس مطلقا أو إنزاله كاف بأن يراد بخير أنّه خير كثير كما هو المحتمل مطلقا لا التفضّل كما هو المشهور ، مع احتماله كما لا يخفى.
(ذلِكَ) يعني إنزال اللباس مطلقا أو جميع ما تقدّم (مِنْ آياتِ اللهِ) الدالّة على فضله ورحمته على عباده ، وقيل من آيات الله الدالّة على وجوده بأنّ لذلك خالقا (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) فيعرفون عظيم النعمة فيه أو يتّعظون فيتورّعوا عن القبائح.
في الكشاف : هذه الآية واردة على سبيل الاستطراد ، عقيب ذكر بدوّ السوءة ، وخصف الورق إظهارا للمنّة فيما خلق من اللباس ، ولما في العرى وكشف العورة من المهانة والفضيحة ، وإشعارا بأن الستر باب عظيم من أبواب التقوى انتهى واستطراد
__________________
(١) انظر القرطبي ج ٧ ص ١٨٥ وشواذ القرآن لابن خالويه ص ٤٣ وفيه نقل قراءة ولبوس التقوى أيضا وأما قراءة ولباس التقوى بنصب اللباس فهو مروي عن قراء المدينة والكسائي انظر المجمع ج ٢ ص ٤٠٨.
(٢) انظر زبدة البيان ص ٧٠ ط المرتضوي.