(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ)(١) بالعدل الوسط بين طرفي الإفراط والتفريط في كلّ أمر ، فلا يأمر بخلافه من الإفراط أو التفريط في شيء ، فكيف بالفاحشة ، ففي الآية دليل على أنّ الله لا يأمر بالقبيح بل ولا بالمكروه وخلاف الاولى ، وأنه لا يفعل القبيح وأنّ الفعل في نفسه قبيح من غير أمر الشارع ، ونحوه كثير كقوله (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ). (وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) وغيره.
فقول الأشعريّ أنّ الحسن مجرّد قول الشارع افعل ، والقبيح مجرّد قوله لا تفعل ، واضح البطلان ؛ وعن الحسن إنّ الله بعث محمّدا صلىاللهعليهوآله إلى العرب وهم قدرية مجبرة يحملون ذنوبهم على الله ، وتصديقه قول الله عزوجل (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) وأما التقليد فقيل يدلّ على عدم جوازه. وأطلق ، وقال القاضي : يمنع التقليد إذا قام الدليل على خلافه ، لا مطلقا فافهم.
الثانية (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ.)
[الأعراف ٣٠] أي خذوا بثيابكم الّتي تتزيّنون بها عند كلّ صلاة ، وروي (٢) عن الحسن بن عليّ عليهالسلام أنه كان إذا قام إلى الصلاة لبس أجود ثيابه ، فقيل له في ذلك ، فقال : إنّ الله جميل يحبّ الجمال فأتجمّل لربّي ، وقرأ الآية.
وقيل هو أمر بلبس الثياب في الصلاة والطواف ، وكانوا يطوفون عراة ، وقالوا : لا نعبد الله في ثياب أذنبنا فيها ، وقيل : أخذ الزينة هو التمشّط عند كلّ صلاة ، كذا في الجوامع ، وعلى الأوّل اعتماد الكشاف أيضا ظاهرا إلّا أنّه قال : كلّما صلّيتم أو طفتم وكانوا يطوفون عراة.
وفي الكنز (٣) اتّفق المفسّرون على أنّ المراد به ستر العورة في الصلاة ، والمعالم
__________________
(١) قال ابن فارس في مقاييس اللغة ج ٥ ص ٨٥ القاف والسين والطاء أصل وصحيح يدل على معنيين متضادين والبناء واحد فالقسط العدل ويقال منه أقسط يقسط قال الله تعالى ان الله يحب المقسطين والقسط بفتح القاف الجور انتهى ما أردنا نقله وسرد الكلمة ابن الأنباري في الأضداد بالرقم ٢٦ ص ٥٨ ط كويت.
(٢) المجمع ج ٢ ص ٤١٢ والعياشي ج ٢ ص ١٤ والبرهان ج ٢ ص ١٠ ونور الثقلين ج ٢ ص ١٩.
(٣) كنز العرفان ج ١ ص ٩٥.