ولا يخفى أنّ ما ذكره من الكتاب والسنّة نصّ في الباب يفيد القطع في المقام ، ويقتضي الجواز مطلقا بل الانفراد بخصوصه ، فلا مجال للتفصيل ، ومثل ذلك قوله (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) فإنه إذا ثبت لهم ذلك من الله سبحانه ، جاز القول أو الدّعاء لهم بذلك ، فلا ينبغي جعل ذلك شعارا لذكره صلىاللهعليهوآله بمنع ذلك عند ذكر غيره صلىاللهعليهوآله ممّن يستأهل ذلك ، ولا بتركه ، ولا جعل هذا مانعا من ذلك ، كيف ولا وجه للحكم بكراهة ما ثبت بالكتاب والسنّة الترغيب فيه والتحريص عليه و ـ الأمر به.
على أن كون أهل بيته عليهمالسلام في حال الانفراد في ذلك مثله صلىاللهعليهوآله ممّا لا قصور فيه ، بل فيه مزيد تعظيم له ، فان ذلك لأنّهم أهل بيته صلىاللهعليهوآله وأقرب النّاس إليه وأمسّهم به نسبا وشرفا وحثّنا هو صلىاللهعليهوآله على مودّتهم وتعظيم شأنهم ، وإنّما صار ذلك شعارا للرفضة لترك غيرهم ذلك بغير وجه ، مع فعلهم اتّباعا للكتاب والسنّة كما في كثير من الأصول والفروع ، فان كان تداولهم بشيء من الأعمال الدينيّة موجبا لتركه أو كراهته عندهم ، لزمهم ذلك في جميع العبادات.
وبالجملة ما ثبت شرعا من حكم لا ينبغي فيه الذّهاب إلى خلافه ، ولا ترك مقتضاه بسبب أنّ جماعة من المسلمين يتداولونه ، فان ذلك عناد وتعصّب ، نعوذ بالله منه ، وقد وقع لهم من ذلك كثير كتسنيم القبور والتختّم بالشّمال وغير ذلك.
وأمّا قوله (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) أي انقادوا له في الأمور كلّها وأطيعوه ، أو سلموا عليه بأن تقولوا السلام عليك يا رسول الله ، ونحو ذلك ، وربّما رجح هذا بمقارنته بالصلاة ، وقد يحمل على المعنيين معا ، وعلى التقديرين فيه دلالة على وجوب السلام في الجملة فهو إما في ضمن التسليم المخرج من الصلاة كما قيل واستدلّ به عليه على قياس الصّلاة ، أو بقول السّلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته قبل التسليم المخرج كما في الكنز ، والاستدلال على نحو ما تقدّم ، مع أنّ الظاهر التسليم على النّبي فلا يشمل نحو التسليم المخرج ، أو ذلك شيء كان في حال حياته