اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ)(١) فافراد لما هو المقصود الأعظم.
وقيل : إنّه النبيّ والأئمّة القائمون مقامه عليهمالسلام وكانّ المراد صراطهم ، فهو عبارة أخرى لبعض ما تقدّم ، ويناسبه (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) أو أطلق عليهم مبالغة لأنهم فلك النجاة الّتي من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ، والحق دائر معهم حيث داروا.
ونحوه قول من قال إنه القرآن وكأنه من قوله تعالى (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)(٢) وفيه دلالة على أنّ الهداية إلى الصراط المستقيم أهمّ ما يطلب منه تعالى وأليق ، فيستحب الدعاء وطلب الخير من الله خصوصا الهداية.
وقد يستفاد الوجوب على بعض الوجوه وأن يسأل الله مثل ما يرى على غيره من الخير والنعماء ، وأن يستعيذ به من مثل ما يرى على غيره من النقمة والبلاء ، وفي ذلك ترغيب وترهيب وتحريص على الانقطاع إلى الله وطلب التوفيق منه في الأمور كلّها ، واعتقاد أنه لا يملك لنفسه ضرّا ولا نفعا إلّا بالله تعالى.
هذا وقد يستدلّ على عصمة الأنبياء بأنهم لو لا عصمتهم لكانوا ضالّين ، لقوله تعالى (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ)(٣) فلا يجوز الاقتداء بهم ، فينا في الترغيب في الاقتداء بهم مطلقا وطلب التوفيق فيه ، وهو قريب.
ثمّ لا يخفى ما في نظم السورة من الدلالة على طريق الدّعاء ، وهو كونه بعد التسمية والتحميد والثّناء والتوسّل بالعبادة ، والتعميم فيه كما هو المشهور ، ودلّت عليه الروايات ولذلك سمّيت تعليم المسئلة.
__________________
ص ٤٩ والبحار ج ٧ ط كمپانى باب جهات علومهم من ص ٢٧٨ الى ص ٢٩١.
فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا ان هدانا الله.
(١) يس : ٦١.
(٢) أسرى : ٩.
(٣) يونس : ٣٢.