وظاهر الأكثر أنّ المراد بالبيع المبايعة ، أي ما يعمّ الشراء ، وهو غير بعيد وربّما فهم ترك التوجّه والعناية به أيضا.
ولو كان أحد المتبايعين ممّن لا يجب عليه الجمعة ، فقيل بالكراهية بالنسبة إليه لعدم مقتضى التحريم ، وقيل بالحرمة أيضا لقوله تعالى (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) وأيضا لما فهم من الآية عموم ترك البيع قبولا أيضا ، فالخروج منه بمجرّد سقوط وجوب الجمعة عنه بدليل مخصوص به موضع نظر.
(ذلِكُمْ) أي ما أمر به من السعي وترك البيع (خَيْرٌ لَكُمْ) وأنفع عاقبة بل ودينا (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الخير والشر أو كنتم من أهل العلم والتّمييز تعلمون أنّ ذلك خير لكم.
الثانية (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.)
ثمّ أطلق لهم ما حظّر عليهم بعد قضاء الصّلاة من الانتشار ، وابتغاء الرّبح والنفع من فضل الله ورحمته مع التوصية بإكثار الذكر ، وأن لا يلهيهم شيء من تجارة وغيرها عنه ، لأنّ فلاحهم فيه وفوزهم منوط به.
وفي ذلك إشارة إلى أنّ الطالب لا ينبغي أن يعتمد على سعيه وكدّه ، بل على فضل الله ورحمته وتوفيقه وتيسيره ، طالبا ذلك من الله وروي (١) عن أبى عبد الله عليهالسلام أنّه قال : الصّلاة يوم الجمعة والانتشار يوم السّبت.
وروى عمر بن يزيد (٢) عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : إنّى لأركب في الحاجة
__________________
(١) كنز العرفان ج ١ ص ١٧١ والمجمع ج ٥ ص ٢٨٩ والوسائل الباب ٥٢ من أبواب صلاة الجمعة ج ٥ ص ٨٥ المسلسل ٩٧٠٥ والفقيه ج ١ ص ٢٧٣ الرقم ١٢٥٢ ط النجف ونور الثقلين ج ٥ ص ٣٢٨.
(٢) المجمع ج ٥ ص ٢٨٩ ونور الثقلين ج ٥ ص ٣٢٧ ومسالك الافهام ج ١ ص ٢٦٥ والوسائل الباب ٥ من مقدمات التجارة ج ١٢ ص ١٦ المسلسل ٢١٨٩٣ عن عدة الداعي.