فيها اشتباها على غير المحصّل ، لكن كلام كثير من الأصحاب في المعنى الثاني أصرح من أن يصح فيه ذلك ، والحكم به مشهور بين الأصحاب حتّى ادّعى الشهيد في الذكرى إجماعنا عليه ، وهو ظاهر جماعة أيضا. نعم الروايات يحتمل ذلك وربّما أمكن الجمع بين الروايات وعبارات الأصحاب بالحمل على أنّه العظم الناتئ على ظهر القدم عند المفصل (١) حيث يدخل تحت عظم الساق بين الظنبوبتين غالبا ، فيتّحد الإشارة إليه وإلى المفصل كما في الرواية عن الباقر عليهالسلام (٢) لكن يخالفه صريح عبارات جمع فتأمل.
وأما الثالث فقد ذهب إلى حمل ما في الآية عليه جمهور العامة إلّا محمّد بن الحسن ومن تبعه من الحنفيّة وبعض الشافعيّة واستدلّوا بما لو تمّ لدلّ على صحة إطلاقه عليه واحتجّوا أيضا بقول أبى عبيد «الكعب هو الذي في أصل القدم ينتهى الساق إليه بمنزلة كعاب القنى» ولا يخفى أن قوله في أصل القدم نصّ في المعنى الثاني ولهذا استدلّ به عليه بعض أصحابنا.
وفي لباب التأويل بعد نقله المسح عن ابن عباس وقتادة وأنس وعكرمة والشعبيّ أنّ الشيعة ومن قال بمسح الرجلين ، قالوا الكعب عبارة عن عظم مستدير على ظهر القدم ، ويدلّ على بطلان هذا أن الكعب لو كان ما ذكروه لكان في كلّ رجل كعب واحد فكان ينبغي أن يقول «إلى الكعاب» كما قال (إِلَى الْمَرافِقِ).
وفيه أنه كما صحّ جمع المرفق بالنظر إلى أيدي المكلّفين وتثنية الكعب بالنظر
__________________
(١) ولعله الأصوب انظر تعاليقنا على كنز العرفان ج ١ ص ١٨ ومسالك الافهام ج ١ ص ٥٨
(٢) إشارة إلى الرواية المروية في التهذيب ج ١ ص ٥٧ الرقم ١٩٠ عن ميسر عن ابى جعفر الى ان قال ثم وضع يده على ظهر القدم ثم قال هذا هو الكعب وأومأ بيده الى أسفل العرقوب ثم قال هذا هو الظنبوب وهو في الوسائل الباب ١٥ من أبواب الوضوء. الحديث ٩ وفي ط الإسلامية ج ١ ص ٢٧٥ المسلسل ١٠٢٨ وروى مثلها العياشي عن عبد الله بن سليمان عن ابى جعفر ج ١ ص ٣٠٠ الرقم ٥٦ والعرقوب على ما في اللسان العصب الغليظ الموتر فوق عقب الإنسان والظنبوب حرف الساق اليابس من قدم الإنسان وقيل الساق وقيل هو عظمه.