إلى كلّ رجل على تقدير صحّة إطلاق الكعب على الظنبوبتين وإرادتهما كما ذكرتم كذلك يصحّ الجمع في الكعب بالنظر إلى أرجلهم والتثنية بالنظر إلى رجلي كلّ شخص والإفراد بالنظر إلى كلّ رجل على ما قلنا ، وكذلك في المرافق ولا يمنع وقوع شيء منها في أحد الموضعين وقوع شيء آخر منها في الموضع الآخر ولا يعيّنه فيه.
على أنّ ما ذكره قياس لو قلنا به فليس هذا من مجاريه كيف والتفنّن أفيد وأبلغ ، ومعدود من المزايا ، على أنّ القياس في هذا المقام على ما ذهبتم في الكعب يقتضي خلاف ذلك ، فان لكل شخص حينئذ أربع كعاب فيكون على ضعف المرافق فكان أولى بأن يجمع ولو أريد التفنّن حينئذ لكان الأوّل عكس ما وقع فافهم ، وأيضا فإنّ قياسهم بأنّ ضرب الغاية للأرجل يدلّ على أنها مغسولة كالأيدي يقتضي لا أقل أن يكون الغايتان على وجه واحد ليتّحد الحكمان ، فالاختلاف يبطل قياسهم مع بطلانه في نفسه ، بل يقال حينئذ الاختلاف في الغاية دليل المخالفة في الحكم ، فيقتضي نقيض المطلوب على أنا نقول التثنية بعد الجمع ينبه على التخفيف ، وهو المناسب للتخفيف من الغسل إلى المسح كما قلنا.
ثمّ إذا ثبت المسح بالدلائل القطعيّة كما يأتي يعيّن خلاف ذلك في الكعب إذ لم يقل به أحد ممّن قال بالمسح كما هو صريح كلام المخالف والمؤالف.
(وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) إنّما لم يقل «إذا» لئلا يتوهّم العطف على (إِذا قُمْتُمْ) وليس ، بل على ما اعتبر هناك من كونهم محدثين ، كأنه قال إذا قمتم إلى الصلاة وكنتم محدثين فاغسلوا كما ينبّه عليه قوله (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) إلخ كما سيتّضح ، وفيه دلالة على أنّ الوضوء إن لم يكونوا جنبا ، وفيه تنبيه على أن لا وضوء مع غسل الجنابة كما دلّت عليه رواياتنا ، وإنّما لم يذكر موجب الوضوء صريحا كموجب الغسل لأنّ المؤمنين في ابتداء تكليفهم بالوضوء كان حدثهم يقينا دون الجنابة ، فكأنه قيل إذا قمتم على ما أنتم عليه ، وأيضا في قوله (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) تنبيه على هذا ، ولما كان هذا المقدار كافيا في حسن هذا الخطاب ، ترك الباقي إلى البيان النبوي.
وأما الإشارة إلى موجبات الغسل جميعا كتركها كلا ، فربما نافى الإيجاز والاعجاز