ووجه الجمع أنّ الآية وإن نزلت بسبب أبي لبابة أو وغيره من مخصوصين ، إلّا أنّها عامة ، وامّا أخذ الثلث منهم فلعله كان على سبيل الكفّارة وجهة الاستحباب لمبالغتهم في ذلك ، حيث قد دلّت الآية على كون الصدقة مطهّرة لما في الرواية المتقدمة أنه عليهالسلام بعد نداء مناديه بذلك تركهم إلى تمام السنة ، ثمّ نبّههم وبعث العمّال.
أو الزائد على قدر الواجب كان كذلك أو الجميع واجبة لأنّ الآية في ذلك مجملة فلعله قد جاءه البيان بأن المطهّر لهم الثلث في ذلك الوقت ، ثمّ لهم ولغيرهم القدر المعلوم.
على أنه لم يصح عندنا أخذ الثلث ولا كونه بمقتضى الآية ، وإن كان مشهورا بين جمع من الجمهور.
ج ـ التاء في (تُطَهِّرُهُمْ) للتأنيث ، فيقدر بها وأما في (تُزَكِّيهِمْ) فليس إلّا للخطاب لوجوبها ، والتزكية مبالغة في التطهير وزيادة فيه ، أو بمعنى الإنماء والبركة في المال ، ومن الأول قيل أي تطهّرهم من الذنوب أو من حبّ المال المؤدّي إلى مثل ما تقدم منهم ، وتنمي في حسناتهم وترفعهم إلى منازل المخلصين فتأمل.
وعلى كل حال صفتان لصدقة ، ويجوز أن يكون على الاستيناف ، والأول أولى وأنسب بأخذ الثلث ، وربما نبّه على أن المأمور به ما يكون عن طيبة نفس بنيّة خالصة كما قيل في ترجيح الصّفة على الجزم ، جوابا للأمر وقد قرئ به «تطهّرهم» وحده ، قاله في الكشاف وقيل بل قرأ سلمة بن محارب بالجزم (١) فيهما ، فلعلّ مراد الكشاف أن أحدا من السبعة لم يقرأ «وتزكّهم» بالجزم والله اعلم.
د ـ فيها إشعار بأنّ الصدقة نافعة في تطهير الذنوب وتزكية النفس خصوصا
__________________
(١) وفي روح المعاني ج ١١ ص ١٣ مسلمة بن محارب مكان سلمة والصحيح مسلمة انظر غاية النهاية ج ٢ ص ٢٩٨ الرقم ٣٦٠٧ مسلمة بن محارب بن دثار السدوسي الكوفي وفي شواذ القران لابن خالويه ص ٥٥ نقل قراءة تطهرهم بالتخفيف عن الحسن.