مسرّين ومعلنين أى يعمّون الأوقات والأحوال بالصدقة لحرصهم على الخير ، فكلّما نزلت بهم حاجة محتاج عجلوا قضاءها ولم يؤخّروا ولم يتعلّلوا بوقت ولا حال.
(فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) خبر الّذين والفاء للسببيّة ، وقيل للعطف والخبر محذوف أي ومنهم الّذين ، ولذلك جوّز الوقف على (وَعَلانِيَةً) وفيه نظر ، و «عند» ظرف مكان ، والعامل فيه ما يتعلّق به اللام من «لهم» وربما أشعر بتعظيم الأجر كأنه لا يقدر عليه ولا يعلمه إلّا ربّهم ، فلا يوجد إلّا عنده.
(وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) لا من فوت الأجر ولا من أهوال يوم القيمة ، بل وما قبلها (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) على شيء من ذلك مع عظم تلك الأهوال وشدّة تلك الأحزان ، كما هو معلوم من الآيات والأخبار ، فالإنفاق المذكور أمر عظيم عند الله ولله عناية جليلة بحال الفقراء وإنفاعهم ، بل الظاهر أنّهم لا يحزنون بوجه أصلا لا من خوف ضرر ولا من فوت مطمع ، لا لأمر متأخّر ولا متقدّم ، ولهذا نزل في من شأنه العصمة ، حيث لم يكن منه تقصير من وجه :
فعن ابن عباس (١) نزلت الآية في علىّ عليهالسلام كانت معه أربعة دراهم فتصدّق
__________________
(١) وقد روى السيد البحراني قدسسره في غاية المرام الباب السابع والأربعين والباب الثامن والأربعين اثنى عشر حديثا من طريق العامة وأربعة أحاديث من طريق الخاصة ص ٣٤٧ وص ٣٤٨ وانظر أيضا تفسير البرهان ج ١ ص ٢٥٧ ونور الثقلين ج ١ ص ٢٤١ وسائر تفاسير الشيعة.
وانظر من كتب أهل السنة مجمع الزوائد ج ٦ ص ٣٢٤ وأسد الغابة ج ٤ ص ٢٥ والرياض النضرة ج ٢ ص ٢٧٣ ونور الأبصار للشبلنجى ص ٧٨ وأسباب النزول للواحدي ص ٥٠ ولباب النقول ص ٤٢ والدر المنثور ج ١ ص ٣٦٣ وفيه انه أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم والطبراني وابن عساكر من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن ابن عباس.
وتفسير ابن كثير ج ١ ص ٣٢٦ عن ابن ابى حاتم وابن جرير من طريق عبد الوهاب وعن ابن مردويه بوجه آخر وتفسير الخازن ج ١ ص ١٩٦ وتفسير الكشاف ج ١ ص ٣١٩ وتفسير الرازي ج ٧ ص ٨٩ الطبعة الأخيرة والعجب انه ليس في الكاف الشاف ذيل الكشاف تخريج الحديث مع ما عرفت من الرواة من أهل السنة.