بواحد نهارا وبواحد ليلا ، وبواحد سرا وبواحد علانية ، وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهماالسلام وروي عن أبى ذرّ (١) والأوزاعيّ أنها نزلت في النفقة على الخيل في سبيل الله ، وقيل هي في كلّ من أنفق ماله في طاعة الله.
وعلى هذه فنقول : الاية نزلت في علىّ عليهالسلام كما هو المشهور ، ودلّت عليه الروايات ، وشهد له ما تضمّنته الآية من إنفاق جميع الأموال فإنه لم يرو ذلك إلّا في حقّ على عليهالسلام نعم حكمها سائر في كلّ من فعل مثل فعله ، فله فضل السبق إلى ذلك ، وأجر الاقتداء به ، فله أجره وأجر كلّ من عمل به من غير أن ينقص من أجر العامل شيء للخبر المشهور.
ففي الآية دلالة على حسن الإنفاق والمبالغة فيه حتّى بكلّ المال بل أحسنيّته واغتنام الفرصة في ذلك فلا يبعد فهم عدم الخوف على المنفق المذكور من ذلك ولا حصول الحزن من ذا الوجه أصلا للعموم فافهم.
ومنها [في البقرة ٢١٥] (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ.)
«ما» إما مرفوع المحلّ على الابتداء وذا موصول بصلته خبر له والعائد محذوف أى ما الذي ينفقونه أو «ما ذا» بمنزلة شيء واحد ، منصوب بأنه مفعول ينفقون ، فذا كاللّغو لأنّ ما مفيد للمعنى كما قيل.
وما موصول تضمّن معنى الشرط رفع بالابتداء ، وأنفقتم صلته ، وفي محلّ الجزم به ، و (مِنْ خَيْرٍ) في موضع الحال عن العائد المحذوف ، و «من» للتبيين ، فللوالدين خبر مبتدأ محذوف أى فهو لهما ، والجملة خبر «ما» والفاء جواب الشرط ، ومطابقة الجواب للسؤال من حيث أنّه قد تضمن قوله (ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ) بيان ما ينفقونه ، وهو كلّ خير فقدّر في طرف القلّة بما يسمّى خيرا وأما في الكثرة فلا حدّ له ، بل ما بلغ
__________________
(١) المجمع ج ١ ص ٣٨٨.