يعضده قوله تعالى (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) وإلّا فليس فعول من التفعيل في شيء.
والطهور في العربيّة على وجهين صفة واسم غير صفة ، فالصفة ماء طهور كقولك طاهر ، والاسم كقولك لما يتطهّر به طهور ، كالوضوء والوقود لما يتوضأ به وتوقد به النار ، وقولهم تطهّرت طهورا حسنا كقولك وضوء حسنا ذكره سيبويه ومنه قوله صلىاللهعليهوآله : لا صلاة إلّا بطهور ، أي بطهارة انتهى.
واعترضه النيشابوريّ بأنه حيث سلم أنّ الطهور في العربيّة على الوجهين اندفع النزاع ، لأنّ كون الماء ممّا يتطهر به هو كونه مطهرا لغيره ، فكأنه سبحانه قال وأنزلنا من السماء ما هو آلة للطهارة ، ويلزم أن يكون طاهرا في نفسه ، قال ومما يؤيد هذا التفسير أنه تعالى ذكره في معرض الانعام ، فوجب حمله على الوصف الأكمل ، وظاهر أنّ المطهر أكمل من الطاهر ، ونظيره قوله (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) انتهى ، ولا يخفى ان تسليمه ذلك على وجه لا يصح كون ذلك مرادا هنا إذ قد صرّح بكونه حينئذ اسما غير صفة أي لا يوصف به ، وذلك لأنّ أسماء الآلة كأسماء الزمان والمكان لا يوصف بها من المشتقّات كما هو المصرّح به في النحو ، فكيف يستلزم ذلك التسليم اندفاع النزاع ، على أنّ نزاعه هو في كون التطهير من مفهومه الموضوع له كما هو صريح قوله «فان كان ما قاله شرحا لبلاغته في الطهارة كان سديدا» وحينئذ لو صحّ التوصيف به وكان هو مرادا كان النزاع باقيا لتغاير مفهومي المطهّر وآلة الطهارة ، وإن تلازما هنا ، ولذلك لم يلزم مثل هذا التلازم في في نظيرهما كليا ، ولا صحّت نسبة الفعل إلى الآلة كذلك حقيقة ، بل ولا مجازا تدبر.
وأيضا إذ قد تبين أنّ المطهريّة لازم على التقديرين ، من غير أن يكون من المفهوم الموضوع له ، فلا يلزم كون الوصف بالآليّة أكمل ، بل الظاهر حينئذ أنّ البالغ في شدّة الطهارة إلى هذا الحدّ أبلغ من آلة الطهارة ، كيف لا؟ وطهارته في نفسه حينئذ من مفهومه الموضوع له ، بخلافه على ذلك ، بل قد ينظر في استلزامه عقلا أو شرعا ،