الثاني : قدمه تعالى إن كان نفس ذاته لزم من العلم بذاته العلم بقدمه وليس كذلك ، فانّا بعد معرفة وجوده نحتاج في علم قدمه إلى دليل مستأنف ، وإن كان زائدا لزم التسلسل أو التناقض. (١)
الثالث : الحادث المستمر إن كان استمراره نفس ذاته فالعالم بذاته عالم بمدة استمراره وليس (٢) ، أو زائدا عليه فإن كان مستمرا تسلسل ، أو لا فلا يكون استمرار المستمر مستمرا ، فجاز أن لا يكون قدم القديم قديما.
والجواب : أمّا الأسئلة على نظم التلازم ، فلا تستحقّ الجواب ؛ لأنّها إن لم يلزم منها القدح في نظم التلازم لم يلزم الجواب ، وإن لزم ثبتت الملازمة في الجملة فلا يسمع القدح في الملازمة بعده ، لأنّه يكون متناقضا.
ونفي الواسطة بين النفي والإثبات ضروري لا يمكن إثباته بالدلالة.
ومورد التقسيم بالنفي والإثبات شيء ثالث. ولا واسطة ؛ لأنّا لم نقل : الحقائق إمّا النفي أو الإثبات حتى يكون ثبوت حقيقة ثالثة قدحا فيما قلنا ، بل قلنا : إنّها لا تخلو عن النفي أو الإثبات ، وكأنّا سلّمنا أنّ هنا حقائق كثيرة ، إلّا أنّا ادّعينا أنّ كلّ واحد منها لا يخلو عن هذين ، فلا يبطل الحصر بما ذكرتم.
لا يقال : وجدنا بعض الصور قد خلا الحكم بالنفي والإثبات فيها ، فإنّا إذا قلنا : الموجود إمّا موجود أو لا فالقسمان باطلان (٣) بالاتّفاق ، فانّه يمتنع (٤) سلب الشيء عن نفسه فكذب الثاني. والأوّل كاذب لقضاء البديهة بأنّ المحكوم به مغاير للمحكوم عليه فيكون للموجود وجود آخر زائد عليه من حيث إنّه موجود ،
__________________
(١) إن كان قديما لزم التسلسل ، وإن كان حادثا لزم التناقض.
(٢) أي وليس كذلك.
(٣) في النسخ : «باطل» ، أصلحناها طبقا للسياق.
(٤) ق : «يمنع».