البحث
البحث في نهاية المرام في علم الكلام
البحث السابع
في أنّ الأكوان مقدورة
البرهان على أنّا قادرون على الأكوان هو البرهان الدالّ على قدرتنا على جميع الأفعال الصادرة عنّا (١) من وجوب وقوعها بحسب قصودنا ودواعينا ، ووجوب انتفائها بحسب صوارفنا. ولأنّها موقوفة على ما نفعله من السبب الذي هو الاعتماد ، وفاعل السبب فاعل المسبب. ومن ثبوت الاتقان والاحكام فيها إلى ما شاكل ذلك.
ثمّ إنّ الكون يقع منّا على وجهين : الابتداء والتوليد ، إمّا في محلّ القدرة أو معدّى عنها ، وإن كان في كلا الحالين يكون الاعتماد هو الذي يولده.
ومن الأكوان ما لا يصحّ صدوره عنّا البتة وهو الموجود في الجوهر حالة الحدوث ، فانّ القديم تعالى هو المختص بالقدرة عليه. (٢) لأنّ الذي نفعله في غير محلّ القدرة من شأنه أن يكون هناك مماسة بين محل الاعتماد وبين محلّ السكون ، ومماسة المعدوم محال.
__________________
(١) قال القاضي عبد الجبار : «وأمّا قدرتنا عليه فظاهرة بمثل ما به نعلم قدرتنا على سائر الأفعال المقدورة لنا ، وهو وقوعه بدواعينا وقصودنا ، وحسن المدح والذم فيه ، ووقوعه بحسب ما نفعله من الأسباب التي هي الاعتمادات ... فإنّ الأكوان التي نجعلها مقدورة لنا يصحّ منا إيقاعها طاعات ويصحّ منّا إيقاعها معاص ، وكذلك القصود قد يصحّ أن نجعلها قربة إلى الله عزوجل وقد يصحّ خلافه ...» المحيط : ٤٧.
(٢) قال النيسابوري : «إنّ الكون في ابتداء وجود الجوهر من فعل الله تعالى ، ويكون مبتدأ.» التوحيد : ١٤٦.