الجسم.
الخامس : (١) لو كان العالم محدثا لكان محدثه إمّا أن يقال : إنّه كان قادرا على أن يحدث العالم قبل الوقت الذي أحدثه فيه بمدة متناهية أو ما كان قادرا عليه ، والثاني محال ، لأنّه يلزم إمّا انتقال الخالق من القدرة إلى العجز (٢) أو انتقال المخلوق من الامتناع إلى الإمكان ، وهما محالان ، فثبت (٣) الأوّل.
وبمثله ثبت أنّه كان قادرا على أن يخلق أيضا حوادث تنتهي إلى الوقت الذي أحدث العالم فيه بمقدار ضعف تلك المدّة ، وإذا ثبت هذا فإمّا أن يقال : إنّه يمكن إحداث ما ينتهي إلى العالم بضعف تلك المدّة مع إحداث ما ينتهي إليه أيضا بتلك حتى يكون ابتداؤهما وانتهاؤهما معا أو لا يكون ذلك ممكنا. والأوّل ضروري البطلان. والثاني يقتضي وجود زمان قبل حدوث العالم ، لأنّ هناك أمرا يتسع لقدر معيّن كسنة مثلا ولا يتسع لسنتين وهناك ما يتسع لسنتين ولا يصير مستغرقا لسنة ، وكلّ قابل للزيادة والنقصان والتقدير فهو أمر وجودي مقداري وذلك هو الزمان ، فقد ثبت حصول الزمان قبل حدوث العالم ، وإذا ثبت قدم الزمان ثبت قدم الحركة ، فثبت قدم الجسم.
لا يقال : التقدير الذي ذكرتموه يكشف عن إمكان وجود زمانين أحدهما أطول من صاحبه ، ولا يدل على وجودهما.
لأنّا نقول : الأمر التقديرى يتغير عند تغير الفرض ، وما ذكرناه من وجود أمر
__________________
(١) ذكره الشيخ بقوله : «وهؤلاء المعطلة الذين عطلوا الله تعالى عن جوده لا يخلو أمرهم إمّا أن يسلموا انّ الله عزوجل كان قادرا قبل أن يخلق الخلق ...» إلهيات النجاة (فصل في أنّ المخالفين يلزمهم أن يضعوا وقتا قبل وقت بلا نهاية ...) وهي الحجّة العاشرة المستنبطة من الزمان في المطالب العالية ٤ : ٢٠٨.
(٢) في نهاية العقول : «من العجز إلى القدرة».
(٣) ق : «وثبت».