قبل العالم بحيث لا يتسع إلّا لحوادث سنة سواء وجد فرض فارض أو لم يوجد ، وأمر آخر يتسع لحوادث سنتين ولا يصير مستغرقا لحوادث سنة (١) لا يتغير سواء وجد فرض أو لا ، فعلمنا أنّ التقدير الذي ذكرناه يكشف عن وجود هذه الإمكانات المتقدرة بالمقادير المحدودة قبل وجود العالم لا أنّه يكشف عن مجرّد فرض ذهني واعتبار وهمي.
السادس : (٢) الله تعالى قديم ، فلو كان العالم محدثا لكان الله تعالى متقدما عليه بالضرورة ، وإلّا لكان القديم محدثا أو المحدث قديما ، وإذا كان متقدما عليه فإمّا بمدّة أو لا بمدّة ، والثاني يستلزم أحد المحالين السابقين (٣) ، والأوّل إمّا أن تكون المدّة متناهية ويلزم حدوث الله تعالى ، لأنّ المتقدم على الحادث بمدّة متناهية يكون حادثا بالضرورة ، أو غير متناهية ويلزم قدم الزمان المستلزم لقدم الحركة المستلزم لقدم الجسم.
السابع : لو كان العالم محدثا لكان الله تعالى متقدما عليه بقدم لا بداية له لأنّه قديم ، وذلك التقدم ليس عبارة عن وجود الباري تعالى وعدم العالم ، لأنّ الله تعالى بمجرّد هذا الاعتبار لا يكون قبل العالم ، فكونه متقدما على العالم كيفية وجودية زائدة على وجوده تعالى وعدم العالم ، ولا بدّ لتلك الكيفية الثبوتية من شيء يتصف بها لذاته ، والذي يتصف بالقبلية والبعدية لذاته هو الزمان فتقدم الباري تعالى على العالم بالزمان ، فإذا لم تكن لتقدمه على العالم بداية وجب أن لا تكون للزمان بداية.
__________________
(١) في النسخ : «عشرة أيّام» ، أصلحناها طبقا للسياق والمعنى.
(٢) راجع المطالب العالية ٤ : ١٩٧. (الحجّة الأولى من الوجوه المستنبطة من الزمان).
(٣) قال الشهرستاني : «فإن تأخّر لا بمدّة فقد قارن وجوده وجود الباري تعالى». نهاية الاقدام : ٣٠.
وليس هذا الوجه في نهاية العقول.