تعالى أشرف منه استحال أن يفعل لغرض غيره.
وإن (١) كان ذلك الاختيار لا لغرض كان عبثا ، والعبث على الله تعالى محال. ولأنّه يكون ترجيحا لأحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح ، وهو محال.
الثاني : لو كان الله تعالى فاعلا بالاختيار فإمّا أن يجوز منه فعل القبيح أو لا ، والقسمان باطلان.
أمّا الأوّل ، فلأنّه لو جاز منه فعل القبيح لجاز إظهار المعجزة على يد الكذابين وأن يؤيدهم وينصرهم (٢) وأن يكون كاذبا في كلّ ما أخبر عنه من وعده ووعيده ، فلا يعلم انّه يثيب المطيع ويعاقب العاصي ، والعقل قاض بقبح عبادة (٣) من هو بهذه الصفات ، وذلك لا يقوله أحد من أرباب الملل.
وأمّا الثاني ، وهو أن يقال : لا يفعل القبيح فلوجهين :
الأوّل : أصحاب الملل اتّفقوا (٤) على أنّه كلّف الكافر بالإيمان مع علمه بكفره ، ووقوع ما علم أنّه لا يقع محال فيكون صدور الإيمان محالا فيكون التكليف تكليفا بالمحال ، وهو قبيح.
الثاني : الغالب في الدنيا الشرور والآفات وأنواع الآلام والعقوبات ، والقول بالعوض باطل على ما يأتي ، فبطل القول بالمختار. وهذه الشبهة عوّل عليها ابن
__________________
(١) دفع دخل مقدّر بانّه فعل العالم لا لغرض.
(٢) ولقد أجاد المصنف في عبارته وهي أفضل من عبارة الرازي : «لما أمنا أن يكون الأنبياء الذين ظهرت المعجزات على أيديهم كلّهم يكونون كذابين مع انّ الله تعالى أيديهم ونصرهم ...» ، نهاية العقول في دراية الأصول.
(٣) ق : «العبادة» ، وهو خطأ.
(٤) ق : «يتفقون».