فالباقي حال بقائه حادث ، وهو باطل بالضرورة فهو زائد ، فإن كان قديما كان حدوث الحادث موجودا قبل وجود ذلك الحادث فالحادث حاصل قبل الحدوث ، هذا خلف. وإن كان حادثا فله حدوث ويتسلسل. وإذا أدى الحدوث إلى هذه الأقسام الباطلة كان باطلا.
لا يقال : حدوثه نفس ذاته ويلزم أن يكون الجسم حادثا أبدا ، فإنّ الجسم لا يوجد في وقت من الأوقات إلّا ويكون محكوما عليه بأنّه حادث ، ثمّ يعارض بأمرين :
الأوّل : إنّا وإن اختلفنا في حدوث الأجسام لكنّا توافقنا على حدوث الأعراض وتقسيمكم عائد فيه.
الثاني : هذا التقسيم بعينه عائد في القدم.
لأنّا نقول : لا يمكن الحكم على الجسم حال بقائه بالحدوث ، كيف والمراد منه أنّه ما كان قبل الآن موجودا وإنّما حدث الآن ، والشيء حال بقائه غير محكوم عليه بذلك بل هو حال بقائه محكوم عليه بأنّه كان قبل ذلك ، وليس كلامنا فيه بل في نفس الحدوث ، والاعراض لا نثبتها.
سلمنا ، لكن لا يبقى ، لأنّ حدوث العرض لمّا كان نفس ذاته لا جرم متى تحقّق كان حادثا ، فلهذا حكمنا أنّ العرض لا يبقى ، وأنتم التزمتم بقاء الجسم ، فإن التزمتم عدم بقائه كان مكابرة ، والجمهور منكم معترفون بفساده.
والمعارضة بالقدم باطلة ، لأنّا لا نحكم على الجسم بأنّه قديم أزلي ولذلك نحكم عليه بأنّ قدمه عين ذاته. أمّا لو قلتم بأنّ حدوثه عين ذاته يلزمكم أن يكون أبدا حادثا ولزم المحذور.
العشرون : لو كان الجسم محدثا فمحدثه إن ساواه من كلّ وجه كان محدثا