النسبة دار.
والجواب عن الوجه الأوّل من وجوه : (١)
الوجه الأوّل : نمنع قدم الأثر لو كان المؤثر الجامع لجميع جهات المؤثرية أزليا ، فانّ قدم الأثر إنّما يتبع قدم مؤثره لو كان المؤثر موجبا ، أمّا إذا كان مختارا فلا ، فانّه يجوز بل يجب أن يتأخّر أثره عنه.
الوجه الثاني : (٢) المؤثر مستجمع لجميع جهات المؤثرية في الأزل لكنّه مختار والمختار يرجح أحد مقدوريه على الآخر لا لمرجح ، كالهارب من السبع إذا عرض له طريقان متساويان من جميع الوجوه فيما يرجع إلى مقصوده فانّه يسلك أحدهما دون الآخر لا لمرجح. والجائع إذا حضره رغيفان متساويان من كلّ وجه فانّه يتناول أحدهما من غير مرجّح ، وإن حضره واحد يتناول من بعض جوانبه دون بعض مع المساواة. والعطشان إذا حضره قدحان متساويان شرب أحدهما من غير مرجح.
الوجه الثالث : العالم إنّما حدث في ذلك الوقت لأنّ المؤثّر مختار ، والقادر إنّما يفعل أحد مقدوريه دون الثاني ، لأنّ إرادته اقتضت ترجيح ذلك المقدور على غيره.
لا يقال : لما ذا رجحت الإرادة ذلك الشيء على غيره؟
لأنّا نقول : هذا السؤال ساقط ، لأنّ الإرادة مرجّحة ومخصصة لذاتها. ولأنّها
__________________
(١) أنظر الوجه الأوّل إلى السادس في أنوار الملكوت في شرح الياقوت : ٣٩. راجع أيضا شرح الأصول الخمسة : ١١٥ ؛ شرح الإشارات ٣ : ١٣٠ ؛ المطالب العالية ٤ : ٤٦ ؛ تهافت الفلا سفة : ٥٠ (في إبطال قولهم بقدم العالم) ؛ شرح المواقف ٧ : ٢٢٩.
(٢) تمسك به أصحاب أبي الحسن الأشعري ومن يحذو حذوه وغيرهم من المتكلمين المتأخرين. شرح الإشارات ٣ : ١٣١.