الأمر التاسع : اتصاف مادة كلّ عضو بصورته إمّا أن يكون لاستحقاق تلك المادة لتلك الصورة أو لا يكون كذلك ، فإن كان الأوّل لم يكن ذلك الاستحقاق للجسمية المشترك فيها بل لأمر ورائها فيكون كلّ جزء من حامل ذلك الاستحقاق موصوفا به والقوّة القائمة بحامل ذلك الاستحقاق كذلك. فإمّا أن يكون تأثير القوّة في ذلك الجسم تأثيرا متشابها ، والجسم الذي يكون متشابه الشكل هو الكرة ، فتكون أعضاء الحيوانات على شكل كرات مضموم بعضها إلى بعض ، هذا خلف. أو لا يكون تأثيرها فيها متشابها مع أنّ نسبتها إلى جميع أجزاء الحامل على السوية فقد جوزتم في الموجب أن يترجح بعض آثاره على البعض مع استواء نسبته إلى الكل ، فإن جوزتموه في الموجب فتجويزه في القادر أولى. وإن كان الثاني كان واهب الصورة قد خصص كلّ واحد من مواد الأعضاء بصورة مخصوصة مع أنّ نسبة جميع تلك (١) المواد إلى جميع تلك الصور على السواء وذلك يقدح في أصل دليلكم.
قالت الفلاسفة : حاصل أجوبتكم كلّها يرجع إلى شيء واحد وهو أنّكم اخترتم (٢) أنّ كلّ ما لا بدّ منه في المؤثرية لم يكن حاصلا في الأزل. (٣)
أمّا أوّلا : فلأنّ الفعل (٤) لم يكن ممكنا في الأزل فشرط جوازه ووجوده عن المؤثر انتفاء الأزل ، وانتفاء الأزل لم يكن ثابتا في الأزل ، فلا يكون شرط التأثير موجودا ، فلا يكون كلّ ما لا بدّ منه في المؤثرية حاصلا في الأزل.
وأمّا ثانيا : فلأنّ شرط الوجود ترجيح القادر وذلك الترجيح لم يكن حاصلا
__________________
(١) «تلك» ساقطة في ق.
(٢) ق : «أجزتم».
(٣) أو أنّ الممكن لا يحتاج إلى المرجّح. المطالب العالية ٤ : ٥٩.
(٤) ق : «العقل».