مرجّحة لهذا الشيء على ضدّه ، ولا يلزم من تعليل خصوص المرجّحية تعليل أصل المرجّحية ، فإنّ الممكن لمّا دار بين الوجود والعدم حكمنا بأنّه لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلّا لمرجح ، ولا يكون ذلك تعليلا لأصل كونه ممكنا ، فكذا هنا. والحاصل أنّ كون الإرادة مقتضية للترجيح ذاتي ، فأمّا هذا الترجيح فلا.
لا يقال : لو كانت مرجّحية المعيّنة مقتضية علّة لكان مطلق مرجّحيته مقتضيا علّة.
لأنّا نقول : الملازمة ممنوعة ، لأنّ المرجّحية المطلقة لا توجد وإنّما الموجود مرجّحية خاصة وهي واقعة على نعت الجواز فتستدعي مسببا ، كما أنّ الممكنات دائما مستدعية مؤثرا لا من حيث إنّها ممكنة بل من حيث إنّها لا تخلو عن طرفي الوجود والعدم اللذين هما متعلّق الإمكان.
وأيضا إرادته إن لم تكن صالحة لتعلّق إيجاده في سائر الأوقات كان موجبا بالذات فلزم قدم العالم. وإن كانت صالحة فترجّح بعض الأوقات بالتعلق إن لم يتوقف على مرجّح وقع الممكن لا عن المرجّح. وإن توقّف عاد الكلام فيه وتسلسل.
وأيضا تعلّق إرادته بإيجاده إن لم يكن مشروطا بوقت ما لزم قدم المراد ، وإن كان مشروطا به كان ذلك الوقت حاضرا في الأزل ، وإلّا عاد الكلام في كيفية احداثه ويتسلسل.
وأمّا الرابع : فباطل ، لأنّ العلم بالوقوع تبع (١) الوقوع ووقوع ذلك الشيء تبع الأمر الذي خصصه بالوقوع دون مثله وهو الإرادة فلو عللنا تعلّق الإرادة بوقوعه بتعلق علم الله بوقوعه دار. وأيضا تغير المعلوم محال فيمتنع عقلا إحداثه في وقت علم عدم حدوثه فيه وعدم إحداثه في وقت علم حدوثه فيه ، وهو يقتضي كونه
__________________
(١) ق : «مع».