وأمّا السابع : فباطل بما تقدّم من أنّ التأثير لا يستدعي تقدّم العدم. وأيضا يعارض بأنّه لو وقع العالم قبل الوقت الذي وقع فيه بمقدار سنة فقط لم يصر بذلك أزليا فحينئذ يتحقّق الإشكال وهو أنّ إمكان حدوث العالم ليس له ابتداء ، إذ لا وقت يفرض أن يكون مبدأ للإمكان إلّا وهو ممكن الحدوث قبله وأنّه لا يصير أزليا بأن يوجد قبله بآن واحد. وإذا امتنع أن يكون لإمكانه مبدأ ثبت أنّه دائما ممكن الثبوت. (١)
وأمّا المعارضات فضعيفة. (٢)
أمّا الأوّل : فلأنّ تعين النقطتين للقطبية وتعين تلك الدائرة للمنطقية والخط للمحورية إنّما كان لأجل أنّ الفلك إذا تحرك على الوجه الذي تحرك عليه فانّه يستحيل عقلا أن تصير سائر النقط وسائر الدوائر منطقة ، فإذن تعيّن الأقطاب والمناطق بسبب تعين الحركات. وتعين الحركات لأمور ثلاثة :
الأوّل : إنّ نظام العالم السفلي لا يحصل إلّا بالحركة على هذا الوجه.
الثاني : الحركة من المشرق إلى المغرب مضادة للحركة من المغرب إلى المشرق
__________________
(١) ق : «القبول».
(٢) قال الرازي : «واعلم أنّا قبل الخوض في الجوابات المفصلة نذكر كلاما كليا عقليا في دفعها : فنقول : إنّ النقوض المذكورة ، إنّما أوردتموها على قولنا : الممكن لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلّا لمرجّح. فهل أنتم تعترفون بصحّة هذه المقدمة أو تنكرونها؟ فإن سلمتم صحّتها فقد زالت تلك النقوض وتلك المعارضات ، لانّها بأسرها واردة على هذه المقدمة فلما كانت هذه المقدمة صحيحة كانت تلك النقوض والمعارضات كلّها فاسدة مدفوعة باطلة. وأمّا إن منعتم صحّة هذه المقدمة ، فحينئذ لا يمكنكم أن تستدلوا بإمكان الممكنات وحدوث المحدثات على وجود موجود واجب الوجود ، وذلك في نهاية الفساد والبطلان. فهذا كلام كلي في دفع هذه النقوض والمعارضات على سبيل الإجمال». المطالب العالية ٤ : ٧٩.