ولا يلزم من كون الشيء قابلا للشيء كونه قابلا لضده. (١) فإذن لا يكون اختصاص الفلك بإحدى الحركتين دون الأخرى ترجيحا لأحد المثلين على الآخر بل ترجيحا للشيء على ما يخالفه وهو غير منكر ، إنّما المنكر ترجيح الشيء على مثله.
الثالث : حركات الأفلاك لأجل التشبه بالعقول المفارقة ، وإذا كان كذلك فمن المحتمل أن يكون التشبه لا يحصل إلّا بالحركة المخصوصة ، فلذلك اختار الفلك تلك الحركة على سائر الحركات.
وبهذه الأجوبة الثلاثة خرج الكلام في البطء والسرعة.
قال أفضل المحقّقين : «اختصاص أحد الأوضاع الفلكية بأن يستدير عليه الفلك من سائرها يجب أن يكون بحسب مخصص عائد إلى محركه ، إذ المتحرك بسيط فهذا حكم يوجبه العقل وإن لم يعرف وجه التخصيص بالفعل (٢) ، ولمّا وجد (٣) متحركا على وضع ما حكم بوجود (٤) ذلك المخصص بالإجمال ، وحكم بأنّ ذلك المخصص بعينه يجب أن يكون مانعا عن الاستدارة على سائر الأوضاع لامتناع وجود حركتين مختلفتين في جسم واحد». (٥)
وأمّا الثاني والثالث : فلأنّ مادة كلّ فلك لا تقبل غير ذلك النوع من الحركة ، أو أنّها وإن كانت قابلة لسائر الأنواع لكن العناية بالسافلات لا تحصل إلّا من
__________________
(١) لأنّه لم يثبت في العقل : أنّ الماهيات المختلفة يجب استواؤها في اللوازم والأحكام. نفس المصدر : ٨١.
(٢) في المصدر : «بالتفصيل».
(٣) في المصدر : «وجده».
(٤) في بعض نسخ المصدر : «بجوده» ، وهو خطأ.
(٥) شرح الإشارات ٢ : ٢٣٣ ـ ٢٣٤.